عبدالعزيز القاضي
هالحين جانا الشعر من كل ملقوف
ما به سوى سجع وباقيه ينعاف
- د. حمد البسام
(رحلة عمر) للدكتور الأديب حمد بن عبدالله البسام رحمه الله (1328- 1411هـ),كتيب توثيقي صدر قبل أسابيع قليلة, يقدم تعريفاً مزوداً بالصور والوثائق بأول طبيب سعودي (مزاملة مع الدكتور يوسف الهاجري رحمه الله) وهو الدكتور حمد البسام.
والكتاب ليس من تأليف الدكتور حمد كما يتبادر من عنوانه بل من تأليف ابنته العمة منيرة الحمد البسام بمشاركة في الإعداد وتنظيم المحتوى من ابن عمها الدكتور بدر بن عبدالرحمن البسام, ومشاركة في التحرير والمراجعة من أخيها نجيب الحمد البسام, وابنها خالد وابنتيها مشاعل وجواهر أبناء العم حمد السليمان القاضي.
ولأن المساحة هنا لا تتسع لاستعراض الكتاب فسأكتفي بالإشارة إلى جانب واحد من ثلاثة جوانب رسمت شخصية الدكتور حمد البسام, هي (الطب/ والتجارة/ والأدب), وأقصد الجانب الأدبي.
فقد كان الدكتور حمد البسام وعلى الرغم من أنه عاش أكثر من ثلثي عمره في الهند, وأنه كان يقضي صباحه في المستشفيات الهندية ومساءه في إنجاز المعاملات التجارية في مكتب العائلة؛ كان أديباً بالفطرة, محباً للأدب وأهله, وشاعراً يقرض الشعر بنوعيه: الفصيح والعامي, وله قصائد جيدة في كليهما.
وقد أشار الكتاب إلى علاقاته الأدبية, ونشر عدداً من قصائده الفصيحة والعامية. وشعره الفصيح يدل على أنه مطلع على التراث العربي اطلاعاً واسعاً, وملمٌّ بعلوم العربية نحوها وصرفها وألفاظها وآدابها, وله خط جميل, ولغته في مراسلاته لغة أديب متمكن.
وفي مقابلة أجرتها معه صحيفة اليوم في 24 /6 /1403هـ ذكر أن الفضل في محبته للأدب وولعه بالشعر بنوعيه يعود لشقيقته الكبرى حصة (ت 1366هـ) وكانت شاعرة ومثقفة, وهي والدة وزير العمل الأسبق المرحوم عبدالرحمن العبدالله أبا الخيل.
وبيت السياحة أعلاه جزء من قصيدة يتحسر فيها على شعر النبط وما آل إليه من بعد ما شوه جماله اقتحام الفضوليين ومدعي الشعر, وقبله:
شعر النبط صابه من الدهر عاصوف
طيّر شظايا هيكله ضرب قصاف
من عقب ما هو للمشاهير معروف
شعر حوى كل المعاني والأوصاف
وقال من قصيدة يرثي بها أخته حصة:
أجل عنك هالدنيا فلا هيب دايمة
ولا هيب عن تفريق الأحباب نايمة
مطاياه وسلاحه ليال تتابع
تحسبه طويلة لين تجثي ردايمه
والله والرحمن ما هيب غبطة
ترى اللي يفارقها كسب من غنايمه
ومنها:
جرى دمعي الدامي وعشرين حجة
حشاياي محزونات والعين غايمة
على مثال الجود والخير والثنا
على اللطف والمعروف جله وناعمه
على اختي الممطور مثواه حصة
خطفها إلى دار البقا الموت زايمه
.. إلخ
وقال يرثيها في قصيدة أخرى:
من يوم شالوا نعشها صرت سكراني
دمعي على وجنتي تهمل سحايبها
يوم المرض طقها وأنشب بها أسناني
تصبّرتْ كود رب العرش يذهبها
جيته من الهند والدُّويات بأحضاني
راجٍ من الله يوريني مضاربها
عالجتها واستعزت بعد نقصاني
وأشرق جبينه لعين اللي يخاطبها
ومنها:
عامين مرّت وأنا بالهند مشتاني
والحي دايم بهالدنيا يراقبها
لا والله إلا ومكروه الخبر جاني
إن المرض عاد حصة في لبايبها
ومنها:
مير الخبر - آه من ذاك الخبر - جاني
إنه قضت من على الدنيا مآربها
نور طفى وانطفى مع نوره القاني
وصايفٍ ما يرومه عَدّ حاسبها
.. إلخ
ومن شعره الفصيح يقول من قصيدة بعثها إلى الشيخ عثمان الصالح, يأسى فيها على حال اللغة العربية, وحال بعض أبنائها الذين تنكروا لها وصاروا يقحمون فيها الدخيل من اللغات الأجنبية:
أم اللغات رموها وهي غافلة
بالعقم واليتم والتجريح والريَب
قلنا صدقتم فآتونا مواهبكم
لعلنا نبلغ العليا بلا رتب
وفي الإذاعة والتلفاز مجزرة
لكل ما في بيان العُرْب من نشب
ومنها:
قالوا لنا (الكورس) قلنا لا أبا لكم
(النهج) أولى وفيه الطابع العربي
قالوا لنا (الترم) قلنا لا أبا لكم
(الدور) لفظ عريق الأصل والنسب
.. إلخ