عبدالعزيز القاضي
كيف أسوي لا نهبته والعرب يدروبي
والحكومة تذبح اللي يسرق التفاحي
علي أبو ماجد
المرحوم الشاعر علي أبو ماجد (ت 1383هـ) أحد فحول الشعراء في زمنه، وهو شاعر مجيد في النظم والمحاورة على حد سواء، وقلة من يبدعون فيهما بنفس الدرجة من الشعراء.
عاش أبو ماجد رحمه الله عيشة بائسة، وقد اضطرته ظروف الحياة للسكن في مكة المكرمة، قال له شاعر الكويت صقر النصافي في محاورة جرت بينهما في الكويت عام 1369هـ كما ذكر الراوية المرحوم إبراهيم الواصل:
ليه تسكن بالجبل لو تزخرف لك زهيد
غير حج البيت ودك تنزح عن جباه
ليه ما تسكن عنيزة بها خضر الجريد
والتجار وقربهم من تسابيب الغناه
فقال أبو ماجد:
ودي أسكن به وسكناي فيها يوم عيد
لكن المخلوق يمشي بتدبير الإله
كن حاديني عن زيارته مثل الضديد
النخل ما ليش واقفيت عن حمص وحماه
لقد كانت المحاورة هواية (أبو ماجد) التي يرتاح لها ويطرب، قال:
ياما سريت مشيح لا جلّب الليل
أدوّر القلطة يعورف حصاني
وجاء في رسالة شعرية له أرسلها لأصدقائه في عنيزة:
وقل لابن ثعلي محمد كان ماهوب يلقى صفوف
يمد رجله لمكة نشبعه قلطات ليل ونهار
ومن ولع (أبو ماجد) بالمحاورة أنه أصدر مع بعض أصدقائه أول مؤلف خاص بالمحاورة وهو كتاب (أول خلطة من شعر القلطة) وكان ذلك عام 1380هـ.
وقيل إن (أبو ماجد) كان يعمل خرازا، وفي أحد الأيَّام مر بضائقة مالية اضطرته إلى بيع (عدة الخرازة)، وبينما كان الدلّال يحرّج عليها في السوق لمحها على القري وعرف أنها عدة (أبو ماجد) فاشتراها، ثم ذهب إلى بيت (أبو ماجد) وألقاها من فوق السور ولم يخبره عنها. وبعد أيَّام اجتمعا فدارت بينهما محاورة بدأها القري، ومنها:
القري:
والله إن اللي سواتك ما نحب إحراجه
مير علقت في ضميري جمرة الغاريه
وش بلا راع الغنم رخصت عليه انعاجه
قام يجلب من ضناينها على الطرقيه
أبو ماجد:
هب يا هالرادو اللي ما تفر امواجه
كيف تدري في سياسة هتلر الجويه
بارك الله باللزوم اللي يسد الحاجه
ما تخل بضيننا الحقبا ولا النجديه
..إلخ
وفي أحد الأعوام توجه أبو ماجد مع مجموعة من أصدقائه من أهل عنيزة إلى مكة، وعندما وصلوا السيل الكبير عصرا اتفقوا أن يستريحوا إلى ما بعد العشاء ثم يُحرموا ويتجهوا إلى مكة. وبعد العشاء أخذ أبو ماجد (تنكة) ماء وابتعد عنهم ليغتسل للإحرام، وبينما أصحابه جلوس أقبل عليهم مجموعة رجال من أهالي السيل، وبعد السلام والجلوس قال أحدهم واسمه عوض الثبيتي: ما معكم شاعر رد؟ فرد أحدهم: إلا معنا شويعر، يريد أن يورط الثبيتي، فقال الثبيتي: أيكم هذا الشاعر؟ فقالوا: هو ذاك الذي يغتسل، وعندما عاد أبو ماجد جرت بينهما ردية منها:
عوض:
أنتم جلستوا من على الزولية
إن كان هي للبيع أنا بشريها
أبو ماجد:
أنتم بذا كل معه بيديه
ماهيب خيشه لا تبرق فيها
عوض:
والله يلو انه لنا حريه
إني منه يأمن حضر لأطويها
أبو ماجد:
لو إنها حريه وبيديه
ياعيونك اللي فاتحه لأعميها
عوض:
النار حذرا لا تجيها حيه
النار تحرق من يوقع فيها
أبو ماجد:
النار حيه مير أنا له ميه
مثلي إلى منه حضر يطفيها
عوض:
ياليتني ما جيت هالطرقيه
من غير شر ولا خلاف يجيها
أبو ماجد:
م اجاك شيء يا خبيث النيه
الميسمه تو اللظى تحميها
فقال عوض: أسألك بالله من أنت؟ قال: أنا علي أبو ماجد. فالتفت عوض إلى الجماعة وقال: هذا الشويعر يا حضر؟!
واجتمع أبو ماجد مع صديقه الشاعر فلاح العتيبي بعد طول غياب، ولاحظ فلاح أن أبو ماجد لا يزال أعزب، فلما سأله عن السبب، قال: ما عندي مهر أدفعه للزواج، فقال فلاح: أجل اسمع:
يابو ماجد كيف تقعد فالمحل اعزوبي
ما تدور لك هنوف تعجب المزاحي
فقال أبو ماجد:
والله اني ما أشكي إلا من مخابي ثوبي
ما معي ما يكفي المجنون دون الصاحي
قال فلاح:
لو نهبته لا لقيته يلعب الرعبوبي
تنهبه من عند ربعه لو يصيح صياحي
قال أبو ماجد:
كيف أسوي لانهبته والعرب يدروبي
والحكومة تذبح اللي يسرق التفاحي!