هي كلمة عجلى لتفسير السلوك الدارج اللبناني من أن يقوم شخص بإخضاع نفسه لحيازة نتيجة يريدها، وهي ظاهرة متفشية - مع الأسف - في المجتمع السعودي ومتعمقة إلى درجة يصعب محوها منه، وهي بذلك تنافس انتشار الفساد وتجذره ورسوخه، فحين ننظر إلى المجتمع السعودي نرى هذا السلوك واضحاً في جميع النشاطات الاجتماعية، لدرجة تجبر كل شخص على الخضوع له، وفي هذا انحطاط لقيمة الشخص واحترامه لذاته وخصوصاً في المجال الاقتصادي.
فليس هناك ضمان لكسب العمل بالجهد والمثابرة والنشاط، ولكن لابد من تقديم آيات الاحترام الزائف والولاء المهين لمن يملك تحقيق رغبة صاحب الطلب، ويبرز هذا كثيراً في تصرف رجال كرام يرغبون العيش في السعودية ولكنهم لا يملكون التصرف بحالهم حتى يخضعوا لمتطلبات العمل الناجح، وكذلك في مجالات الحياة الأخرى.
إن الطريق الوحيد لمعالجة هذا الداء هو سن قوانين ثابتة يخضع لها كل ناشط في هذا المجال ولا يمكن تفاديها أو عرقلتها، بحيث يخشى من يعاود هذا العمل من سطوة تلك القوانين لكي تصبح التعاملات الرسمية على مستوى من الوضوح يجعل الركون إليها سهلاً ومقنعاً، ولا يمكن أن يستقيم قطاع الأعمال العامة ومشاركة الجادين فيه إلا بوجود القوانين التي يُلجأ لها حتى يكون التعامل نزيهاً، ولقد رأيت كثيراً من كبار رجال الأعمال المشهود لهم بالكفاءة والإنجاز يعزبون عن العمل في مجتمعات عربية تحكمها تلك الظواهر من تغليب الأهواء الشخصية على القوانين المحترمة في أداء العمل العام، وقد كان ذلك خسارة للدولة التي تتفشى فيها هذه الظاهرة.
هناك مسلمات في التكوين الإنساني للشخص لا يقبل المساس بها، فمثلاً هذا الخط الوهمي الذي ينبه الإنسان أنه اقترب منك أكثر من اللازم فتنفر أنت منه لحفظ كيان هو نفسه الذي يمنعك من الخضوع لشيء أنت لا ترغبه من نفسك، وهو ما قد ينقص من قيمتك في نفسك أو يخضع هامتك للغير، ولنا عبرة فيما قاله الشاعر عن هذا الوضع أختم بها ما ذكرت هنا حيث يقول:
والله لو كانت الدنيا بأجمعها
تبقى علينا ويأتي رزقها رغدا
ما كان من حق حُرٍّ أن يُذل بها
فكيف وهي متاعٌ يضمحلُ غدا
- بندر بن عبد الله بن عبد الرحمن آل سعود