محمد آل الشيخ
في تقرير لمنظمة الشفافية الدولية جاء لبنان في مقدمة الدول العربية التي تتفشى فيها الرشوة، ويكتنفها الفساد. هذا البلد مضى عليه سنة ونصف السنة وحتى الآن دونما رئيس، وبرلمانه يمدد لنفسه، وحكومته كالذي يمشي على عكازات، لا تستطيع إلا أن تخضع لابتزاز المنظمات الإرهابية، وعلى رأسها (حزب الله) وحلفاؤه، الذي هو الآمر الناهي في تلك الدولة. وهذا الحزب الإرهابي يتلقى التعليمات من طهران، التي أمرته حكومتها رغمًا عن أنف قياداته وكوادره بأن يوجه مقاتليه إلى سوريا لمناصرة رئيسها، الذي كانت جيوشه تحتل لبنان نفسها. وكل من قال (لا) للاحتلال السوري فإن الموت في انتظاره.
اللبنانيون يفاخرون بني يعرب في منتدياتهم أنهم (دولة ديمقراطية)، بينما بقية دول العرب دول ديكتاتورية، غير أن هؤلاء الديمقراطيين يتحولون بعد غياب الشمس إلى ثلاث فئات: فئة تحترف الاتجار بالمخدرات والاغتيالات وعلى رأس هذه الفئة (حزب الله)، فئة تقدم خدمات العمالة لكل من يدفع أكثر وفئة تتاجر بالرقيق الأبيض.
أما بقية الفئات فيعصرهم الجوع والعوز والفاقة عصرًا، ويتجاذبهم رؤساء الطوائف، وعند الحاجة يسوقونهم لصناديق الانتخاب (الديمقراطية) كما تساق النعاج إلى المذبح.
حالة لبنان محزنة، وديمقراطيته مهزلة، والحريات فيها كحريات الوحوش في الغابات، تقوم وتتمأسس على القوة والسحق، والمحسوبيات، وهي - بالمناسبة - أفضل نموذج يستطيع الباحث من خلاله إثبات أن (الديمقراطية والطائفية) شأنان لا يلتقيان أبدًا.
ولبنان يتحكم فيه وفي توجيه قراراته سياسيون، يدركون تمام الإدراك أن أية محاولة لإصلاح الشأن السياسي، والقضاء على الفساد، لا بد أن تمر على أجسادهم أولاً.
لذلك فالفساد في لبنان، بكل أنواعه، متجذر تجذر الأرز في جباله وسهوله، وأي محاولة لإلغائه تعني أن تقوم حرب أهلية حتمًا؛ فشعار كل سياسييهم والمتنفذين في أرضهم، والمتحكمين في قراراتهم، تقوم على منطق (إما أنا أو الفنا).
ورغم أن اللبنانيين هم أكثر العرب وجودًا في العالم خارج أوطانهم إلا أن هذا الوجود، والنزعة إلى الهجرة خارج بلدهم، جعلا الشعور للوطن، وترابه، في منتهى الضعف.
إيران احتلت لبنان في أوائل الثمانينيات من القرن العشرين الماضي، وسيبقى لبنان محتلاً للملالي ما دام الملالي يحكمون إيران؛ فمن لديه السلاح هم الشيعة، وهم على استعداد للذهاب إلى أقصى حد ليبقى لبنان رهن سلطتهم وتحكمهم، حتى وإن أدى ذلك إلى حرب أهلية. وسلاح حزب الله لا يمكن نزعه بالتفاوض، حتى ولو انتهت إسرائيل التي يتخذونها ذريعة؛ فهم يقومون بمهمة تمهيد الأرض العربية، وبالذات سوريا، ليحكمها الفرس كما هو مخططهم التوسعي لإنشاء أكبر إمبراطورية فارسية على أنقاض الدول العربية.
وحزب الله يدرك ذلك تمام الإدراك، ويعمل بكل جهد لتحقيق هذا الهدف.
ومن هنا أطرح السؤال الصعب: هل لو كانت لبنان وطنًا حقيقيًّا، لا تجمع طوائف ومذاهب متفرقة، تتحالف اليوم، وتختلف غدًا، يستطيع الفرس احتلالها، والتحكم في قرارها؟..
طبعًا لا؛ لذلك لا بد أن يبقى لبنان ديمقراطيًّا في الظاهر، وتنخر فيه سوسة الفساد في الداخل؛ ليتمكن ملالي طهران من استخدامه كتيبة متقدمة لتحقيق مطامعهم.
إلى اللقاء