د.موسى بن عيسى العويس
*من خلال طرح رؤية المملكة العربية السعودية 20/30 ربما لم يقف الكثير عند عبارة دقيقة أطلقها (سمو ولي ولي العهد) بوعي تام مدرك لطبيعة وظروف المرحلة التي نعيشها نحن والعالم من حولنا كذلك، حينما أشار إلى أن هذه الرؤية خياراً إستراتيجياً لا مناص من تطبيقها، والقبول بها، والتفاعل معها، وتحمل جزء من نتائجها في المنظور القريب، إذ أومأ إلى ذلك بقوله بصراحة تامة: على الجميع قبول هذه الرؤية، وما تحويه من تغيير جذري بناء، وإلا سيجد المسؤول أو غير المسؤول نفسه مصطدما بالشارع. وبالتالي في نظري أن ذلك الفرد إن غرد بعيداً عن ذلك سيجد نفسه في موقع أو طريق لا يرتضيه لنفسه ولغيره.
*أكثر من إيحاء، وأكثر من رسالة تستبطنها هذه العبارة العميقة المنتقاة في مدلولها ومضمونها:
*أولى هذه الرسائل، إرادة قوية، وعزيمة صادقة، وشفافية مطلقة، ووضوح متناهٍ، وكلها تعبّر عن مضي الحكومة قدما في طريق الإصلاح بشكل ممنهج، و بكل ثقة واقتدار على تجاوز العقبات والمصاعب التي قد تعترض التنفيذ، أو تؤدي إلى التباطؤ من أي فرد كائناً من كان.
*ثاني هذه الرسائل، أن هذه الرؤية أريد لها أن تكون نابعة من رحم المجتمع والشعب، وهو الذي في الأخير سيجني ثمارها ونتائجها على المدى القريب والبعيد، وعلى المواطن والمسؤول كل في حقله أن يستشعر ذلك، وأن يسهم في انطلاقتها بكل ما أوتي من قوة، والمرونة دائماً هي من طبيعة الرؤى، وتتيح له بالتالي الإبداع والابتكار، والأخذ بالخيار الأفضل الذي يرتضيه، ويراه محققا لأهدافها السامية.
*ثالث هذه الرسائل، أن المجتمع مطالب أكثر من أي وقت مضى بتحمل مسؤولياته الدينية، والوطنية، والاجتماعية، والثقافية، والاقتصادية تجاه مستقبل وطنه، ومستقبل الأجيال القادمة التي سترث بلا شك موروثنا الفكري، والثقافي، والاقتصادي، والمواطن في أدبيات هذه الرؤية جزء لا يتجزأ من منظومة التغيير المستهدفة.
*رابع هذه الرسائل، أن التغيير القادم في كل شأن من شؤون الحياة لن تكون الحكومات هي من تتولى قيادتها بقدر ما سيكون دورها في حسن التوجيه، واستثمار الطاقات والقدرات خير استثمار، وبالتالي فإن الفرد سيكون له دور محوري، ولن تؤتي هذه الرؤية ثمارها اليانعة ما لم يكن صوت المواطن مسموعاً فيها، ومأخوذاً فيه بعين الاعتبار.
*خامس هذه الرسائل، يشير إلى حقيقة ثابتة أن الشباب وحدهم يمثلون نبض الشارع، وحلمه العريض، وهاجسه الحقيقي، فالتغذية الراجعة ستكون من هذه الفئة، أيًّا كان موقعها.
*في الأخير أستطيع القول أن الرؤى الجيدة هي التي تتسع للكل قراءة مفرداتها، وبنودها، ويحللها على أكثر من تحليل، وهذا بالفعل ما يستشعره القارئ وهو يكتب ويقرأ كل أو بعض ما قيل عنها، ولا يزال يحدونا الأمل أن تكون هذه الرؤية همّا مشتركاً نستمر في تناولها وتقييمها، ما تحقق منها، وما لم يتحقق، أو في طور التنفيذ، وأن نسعى أن تكون حية رائجة في أطروحاتنا، وبالذات مع فئة الشباب، لكلا الجنسين، فهي لا تفرق في منطلقاتها بين فئة وأخرى.