د.موسى بن عيسى العويس
في ظل هذه المتغيرات فإنه من المهم لأي مسؤول في أي موقع كان أن يعي أنه ليس مسؤولاً كل المسؤولية في فترة استجداده التصريح لوسائل الإعلام بخطط أو برامج وتوجهات مستقبلية لمؤسسته؛ فالمؤسسة قامت من قبله، وستستمر من بعده، ومتى كان العمل يسير في إطار مؤسسي فإنه حتماً سيجد من السابقين في المؤسسة من يكفيه عناء المهمة والانطلاق مع وسائل الإعلام بناء على خلفية متكاملة واعية بكثير من التفاصيل؛ فلن يكون هناك شاردة أو واردة إلا وقد أحاط بها.
* بالتأكيد، إن المسؤول الأول قد يحتاج إلى الخروج فيما لو كان الجهاز أو المؤسسة وليدة فتية حديثة؛ فيعطي حينئذ إضاءات وافية عن المهام والاختصاصات والمسؤوليات المناطة بهذا الجهاز. صحيح أن هناك حالة أخرى قد تستدعي الخروج حينما تشكِّل قضية ما إثارة وتساؤلات عند الرأي العام؛ فلا بد من الظهور وكشف الملابسات والحقائق، لكن الواقع أن بعض المسؤولين يطرح توجهات واستراتيجيات وخططاً في وقت لم يكن فيه ذا خبرة طويلة أو عريقة بالأنظمة واللوائح التي تحكم سير مؤسسات الدولة كلها، وعلاقتها بالمجتمع وخدمة المواطن، والتناغم بين مؤسسات الدولة.
المسؤول الأول في الجهاز الإعلامي، أو المتحدث الرسمي، أو القائم على شؤون التطوير والتخطيط، هو - في اعتقادي - أكفأ مَن يتصدى لأي استفسار يحتاج إليه الرأي العام، أو يطلب تفنيده وتوضيحه، وعادة يكون متمرساً في أشياء كثيرة، قادراً على الربط والاستدلال، حذراً في المبنى والمعنى.
* أما عند الإنجاز واكتمال الصورة وتحقيق بعض الأهداف فإنه من المهم للمسؤول الأول في أي جهاز أن يعقد المؤتمرات واللقاءات الصحفية؛ لأنه سيتحدث بكل فخر واعتزاز عما قدمته مؤسسته؛ وبالتالي سيكون أكثر إقناعاً للرأي العام، واقتناعاً هو بذاته أن ذلك من بصماته الحديثة، وهو - بأي حال من الأحوال - لن يلام على تأنيه في البروز والظهور في مرحلة النشأة والتكوين، وسيظهر أمام المجتمع بمظهر المتزن عند التقويم أمام وسائل الإعلام والجمهور. فالملاحظ أن من يستعجل في الأمر يجد نفسه في مأزق، وربما وصل إلى مرحلة الاستفزاز والانفعال والخروج عن الطور تجاه أي موقف أو أي سؤال؛ فترتسم صورة سلبية، يصعب عليه فيما بعد محوها من ذاكرة المشاهد، وربما يتخذ كذلك موقفاً سلبياً من المستفيدين من خدمات جهازه أو الإعلام بشكل عام، بعد أن كان يحتفي بهم، ويبادلهم التقدير والاحترام، ويشاطرهم الهم.
والمجتمع أنت بأمسّ الحاجة إلى رضاه أكثر من حاجتهم إليك، ولاسيما في هذا الوقت والظروف.
* إذن، رُبّ كلمة قالت لصاحبها دعني.. والكلمة إذا لم تنطقها تملكها، وإذا نطقتها ملكتك كما يقال. والوعد للناس أو الوعيد دائماً يضعان صاحبهما على المحك.. ومع ذلك، الأهم مع هذا وذاك الانفتاح والتعاون مع الإعلام باعتباره أقوى وسائل التأثير وأسرعها، وأقلها تكلفة.. والحياة - على أية حال - حقل تجارب، والأخطاء والعثرات هي المحفزة والممهدة للنجاح.