أ. د.عثمان بن صالح العامر
من أهم الندوات التي حضرت في هذ العام الجامعي الذي شارف على الانتهاء هذه الندوة التي عقدت في رحاب جامعة الإمام صباح يوم الثلاثاء الماضي، وتنبع أهميتها من أنها :
# تطرح موضوع السّاعة الذي هو حديث السّاسة والدوائر الاستخباراتية والمنتديات الشبابية والقطاعات العسكرية والأكاديمية والثقافية والإعلامية والاقتصادية والاجتماعية العربية منها والأجنبية.
# ندوة تقويمية استشرافية، ومثل هذه الوقفات التقويمية هي ما نحتاجه في كثير من أعمالنا وإنجازاتنا الشخصية والرسمية البحثية والتدريسية، وما نقدمه للمجتمع من برامج ودورات تدريبية، يجب أن يكون لنا بين الفينة والأخرى وقفة للمراجعة والتقويم من أجل معرفة ماذا تحقق، وماذا يجب أن يكون، وهل نحن نسير بالطريق الصحيح أم أننا جانبنا الصواب؟
# تنعقد في وقت أضحت الكتابة في هذا الموضوع بالذات موضة عند البعض، فكثر التأليف وتعددت المصنفات، وربما لم يكن من هؤلاء الذين انبروا للتدوين في هذا الموضوع الخطير والمهم أصحاب تخصص، أو أنهم لا يعرفون قواعد المنهج العلمي حين التأليف والكتابة في مثل هذا الموضوع الحساس، ولذا قد يضر المؤلف من حيث أراد الإصلاح لا سمح الله.
# تنعقد - هذه الندوة - في رحاب جامعة الإمام التي أولت هذا الموضوع- على وجه الخصوص- جلّ اهتمامها منذ سنوات، وعقدت لمطارحته ومناقشته مؤتمرات وندوات ولقاءات.
# هذا المشروع التقويمي الشامل لجميع الدراسات التي كتبت من عام 2003 وحتى 2016م والتي بلغت أكثر من 1000 دراسة قام عليه فرق بحثية متخصصة في محاور ستة « الشرعي، التربوي والنفسي، الاقتصادي، الاجتماعي، الإعلامي، الأمني «، هذا العمل الموسوعي المتميز أظهر عدداً من النتائج العامة التي تستحق الوقوف عندها والتأمل فيها من قبل المعنيين بالبحث العلمي في جامعاتنا السعودية والمهتمين بموضوع التطرف والإرهاب، ولعل من أبرز هذه النتائج :
1- قلة الدراسات التطبيقية وضعفها وتدني جودتها، خاصة الإعلامية منها والاقتصادية، إذ إنّ جُلّ الدراسات- إلا ما ندر- وفي جميع المحاور «وثائقية نظرية» تكرر نفسها وتعيد أطروحاتها بأساليب مختلفة وبرؤية شخصية، لا تقدم حلاً ناجزاً لهذه الإشكالية الجاثمة على صدر الأمة.
2 - إن غالبية الدراسات قدمت في مناسبة مؤتمرات علمية أو رسائل أكاديمية، ولذلك كان عاما 1425 و 1430هـ هما الأعلى إنتاجاً، لانعقاد عدد من المؤتمرات في الجامعات السعودية عن هذا الموضوع بالذات.
3 - على المستوى الوطني ليس هناك توزيع مؤسساتي بشكل ملفت للنظر يوجب إعادة الاهتمام بهذا النوع من الدراسات المفصلية، ولكن مع التركيز على الجانب التطبيقي في الجامعات السعودية التي غابت عن المشهد تماماً كما يقول أصحاب المشروع !!
4 - صعوبة الحصول على كثير من البيانات التي تسهل الدراسات التطبيقية.
5- الفردية في البحث، وغياب المشاريع البحثية والموسوعية التي يقوم عليها فريق بحثي متخصص.
6 - قصور الدراسات النفسية.
7 - غياب الخطة الزمنية، وعدم توافق ما ينتج من دراسات مع تنامي الإرهاب واتساع مساحته، سواء على الأرض أو في العالم الافتراضي، إذ انخفضت الدراسات في السنوات الأخيرة بشكل لافت للانتباه.
هذا ما استطعت تذكره ورأيت أهمية التعريج عليه في هذه الزاوية لأهميته الكبيرة في نظري، ولكن يبقى السؤال الأهم، وماذا بعد؟ هذا ما ستجيب عنه اللجنة العلمية للمشروع الذي سيرفع- كما قيل في ثنايا الندوة- إلى صناع القرار والمسئولين الذين بيدهم توجيه دفة البحث العلمي إلى المناطق والإشكاليات التي لم تبحث بعد، وتذليل العقبات أمام الباحثين للحصول على المعلومات وإجراء الدراسات التطبيقية، ورسم الإستراتيجيات الوقائية والعلاجية الناجعة بإذن الله. ودمت عزيزاً يا وطني، وإلى لقاء والسلام.