قصيدة تأبينية في فقيد الوطن الأستاذ الدكتور عبد الله اليوسف الشبل.
إِنْ كُنْتَ يَا ابْنَ الشِّبْلِ رَمْزاً في الوَرَى
فَلأَنْتَ هَذَا اليَومُ قَبْراً فِي الثَّرَى
لَكِنَّ سِيْرَتَكُمْ تَأَرَّجَ ذِكْرُهَا
فَإِذَا الزَّمانُ بِهَا يَمُرُّ مُعَطَّرَا
وَبِهَا المَكَانُ يُحِسُّ فِي خُطُوَاتِهَا
وَكَأَنَّكُمْ مَا زِلْتَ تَخْطُو مُبْهِرَا
إِنَّ المُرُوءَةَ فِكْرَةً وَسَجِيَّةً
أَصَّلْتَهَا مَعْنىً يُتَرْجِمُ مُضْمَرَا
حَقَّقْتَ فِي التَّارِيْخِ مَا حَقَّقْتَه
فَإِذَا بِه يَرْويْكَ سِفْراً مُسْفِرَا
بَلْ كُنْتَ لا تَرْضَى مُبَالَغَةَ الأُلَى
كَتَبُوا مِن التَّارِيْخِ مَا قَدْ كَفَّرَا
حَقَّقْتَ ذَلِكَ فِي تَوَارِيْخٍ لَهُمْ
وَلِمَنْ يُؤَيِّدُ نَهْجَهُمْ وَلَكَ انْبَرَى
حَتَّى اسْتَبَانَ الحَقُّ فَهْوَ مُحَقَّقٌ
فِي مَنْهَجٍ لِلشِّبْلِ سَارَ مُؤَزَّرَا
وَعَلَوْتَ بِالفُصْحَى إِمَاماً عَالِماً
وَسَمَوْتَ فِي فِقْهِ الشَّرِيْعَةِ مُبْحِرَا
هَذَا هُو الشِّبْلُ المُعَطَّرُ سِيْرَةً
لا يَسْتَطِيْعُ لَهَا الشُّعُورُ تَذَكُّرا
فَلَدَيْه فِي عِلْمِ الحَدِيْثِ إجَازَةٌ
حَفِظَ الكِتَابَ وَصَارَ فِيْه مُفَسِّرَا
وَعَلَى خُطَى السَّعْدِيِّ سَارَ بِفَهْمِه
وَبِعِلْمِه وَبِحِلْمِه مُتَأَثِّرَا
سَمْحٌ يُقَابِلُ مَنْ أَتَاه لِحَاجِةٍ
شَخْصِيَّةٍ أَو مَنْ أَتَاه مُزَمْجِرَا
يَلْقَاه مُبْتَسِماً وَيَسْمَعُ قَولَه
مُتَمَعِّناً وَمُحَاوِراً وَمُفَكِّرَا
وَتَرَاه فِي جُلَسَائِه مُتَهَلِّلاً
بِشْراً وَيَخْشَى أنْ يَكُونَ مُقَصِّرَا
كَمْ مَرَّةٍ قابَلْتُه مُتَحَفِّزاً
أَو أَنَّنِي حَاوَرْتُه مُتَوتِّرَا
فَخَرَجْتُ أَلْهَجُ بِالدُّعَاءِ لأَنَّه
قَدْ فَلَّ صَعْباً أَو أَزَاحَ مُؤَثِّرَا
مَا حَرَّكَتْه بِدَرْبِه جِهَوِيَّةٌ
كَلَّا وَلا نَادَى بِهَا مُتَعَنْصِرَا
الشِّبْلُ عَبْدُاللهِ فِي أَهْدَافِه
ضَوءٌ تُحَرِّكُه الحَقِيْقَةُ مَعْبَرَا
يَا أَيُّهَا الشِّبْلُ الَّذِي غَايَاتُه
حَقٌّ تَحَقَّقَ مَا انْثَنَى وَتَعَثَّرَا
طَوَّرْتَ جَامِعَةَ الإِمِامِ إِدَارَةً
وَجَعْلْتَهَا في الجَامِعَاتِ المَنْبَرَا
فَعَلَتْ مَبَانِيْهَا عُلوَّ عُلُومِهَا
بِتَخَصُّصَاتٍ قَدْ تَسَامَتْ مَخْبَرَا
فالطِّبُ فِيْهَا صَارَ فِي كُلِّيَةً
قَدْ أَثْبَتَتْ هَدَفاً لَدَيْكَ تَبَلْوَرا
وَالدَّارِسُونَ دِرَاسَةً عُلْيَا بِهَا
هَيَّأتَهَا فَبَدَا المَسَارُ مُيَسَّرَا
فَالشِّبْلُ أَنْتَ وَقَدْ كَبُرْتَ بِجُرْأَةٍ
فَغَدَوتَ فِي إِقْدَامِكُمْ أَسَدَ الشَّرَى
كُلٌّ لَه مِنْ قَومِه حُسَّادُه
إِلاَّكَ والإِنْسَانُ لَيْسَ مُخَيَّرَا
إِذْ كُنْتَ تَسْعَى مُخْلِصاً فِي نِيَّةٍ
لا تَبْتَغِي مِنْهَا بِسَعْيِكَ مَظْهَرَا
فَلْيَرْحَم الرَّحْمَنُ رُوحاً أَخْلَصِتْ
لِبِلادِهَا وَلِرَبِّهَا وَمَعَ الوَرَى
رَبَّاه وَسِّعْ مَدْخَلاً فِي قَبْرِه
فَلَقَدْ أَتَاكَ مُكَبِّراً مُسْتَغْفِرَا
- شعر د. عبدالرحمن بن عبدالله الواصل