البعض هوايته أن يكسر مجاديف الوطن بكل محفل وقضية والبعض يستقتل بدمه وكل ما يملك لينهض به، وما بين التكسير والنهوض نعيش صراعنا اليومي بلا كلل أو ملل على هذه الأرض التي نتقاسمها كوطن.
هذا الروتين الذي اعتدنا أن نعيشه وأن نتعايش معه منذ سنوات طويلة لم يعد يجدي من بعد أن بزغت رؤية السعودية 2030 واضحة وساطعة كالشمس علت بزمن ووقت لا ننكر أنه صعب محلياً ودولياً لتبشر المملكة بمستقبل نخبوي فريد من نوعه. لم تظهر الرؤية كما قد يتوهم البعض كاستجابة لانخفاض أسعار النفط وإنما جاءت تحمل في جوهرها ما هو أكبر من أي نفط، فهي تسعى إلى تحقيق مستقبل جديد للسعوديين كله طموح وفرص تقوم على تنمية واقتصاد فذ لا ينضب مع نضوب أي نفط مهما كبر محيطه. وكما قال ولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان، في لقاء قناة العربية: «النفط يجب أن يعامل على أنه استثمار فقط وليس كل شي».
البعض ربما حلى له أن يتصيد في الماء العكر ويدس السم في الدسم، فجأة كثرت في المجتمع التكهنات والمطالبات واللغط بكثير من الأمور والقضايا كقيادة النساء ونظام الهيئة الجديد وغيرها من القضايا التي تلامسنا مجتمعياً ووجدانياً ودينياً. وبين ليلة وضحاها أثيرت هذه المواضيع والتي لا أنكر أهميتها ولكنها أثيرت بطريقة زوبعية، ولكن هيهات فالرؤية السعودية 2030 لا يمكن تحجيمها ولا إخضاعها لأي مكون داخل المجتمع، فهي ملك للجميع وجاءت من أجلهم، ولم تأت إلا لنهضته وتحويله من الجذور.
البعض ربما ستخنقه ثقافة الشفافية والمحاسبة وهي ثقافة تشكل بدعه بالنسبة لهم كونها غير متأصلة بالدرجة المطلوبة في مؤسساتنا بما يستلزم تمكين معايير الحوكمة بكل مقاييسها. الأمير محمد بن سلمان، أثبت بحق وجدارة أنه رجل المرحلة التي لابد وأن تغذى وتذكى بطموح الشباب و بالإبداع والتميز.
في كلمته لقناة العربية وظهوره الإعلامي الأول أعرب الأمير الشاب في أن الأثرياء الذين سيعترضون على إعادة تعرفة الدعم سيصطدمون مع الشارع كتأكيد على أنه ستطبق السياسات على جميع الفئات مهما كان نفوذها بالمجتمع، مما يؤكد أن تمكين المجتمع من أهم أهداف الرؤية.
الرؤية أضحت اليوم محط أنظار العالم وحديث الساعة من الأعداء قبل الأصدقاء. فالكل متابع عالمياً لما يحدث في عقر دارنا وما نخطط له والعيون مفتوحة على ما نقرر ونفند بأمورنا الداخلية ومؤسساتنا، فعلى سبيل المثال لفتت شمولية الرؤية السعودية للخطط المرتبطة بالجانب العسكري وعدم إغفالها خطة لإنتاج السلاح أنظار الإسرائيليين مما جعل صحيفة «يديعوت أحرنوت» تفرد تقريراً عن الرؤية وما ترمي إليه عسكريا.
بنظري إن مستقبل الشباب قد بدا عصره وتحقيق هذه الرؤية الطامحة سيبدأ بأيديهم وبالتعاون فيما بينهم جميعاً، كما يجب علينا أن يلازمنا يقيناً بأن عصر الكسل والترف ولى، وحان الوقت لننهض بكل قطاعاتنا التعليمية والصحية والعسكرية نهضة نوعية جذرية.
يجب علينا أن نتحول، يجب أن نساهم بمسئوليتنا تجاه وطننا. وكما سيد الشباب وقائدهم: «ثروتنا الأولى شعب طموح معظمه من الشباب هو فخر بلادنا وضمان مستقبلها «. أظن أنه لم يعد هنالك وقت للخذلان ولابد لنا من أن نشمر عن سواعدنا ونبني هذا البلد بيد سعودية خالصة قلباً وقالباً لنحقق الطموح المرجو من «رؤية السعودية 2030»، والتي بما أنها تحمل لنا كل هذه الفرص، وكل مستقبل جميل ومشرق فلما إذن لا نتحول؟!
كوثر خلف - طالبة دكتوراه