علي الصحن
في عام 1997م كان الهلال مقبلاً على مشاركة آسيوية مهمة، وكان الهلال يضم أسماء يصعب أن تتكرر وفي مقدمتها اثنان من عباقرة ملاعب كرة القدم السعودية، يوسف الثنيان وسامي الجابر ومعهما جملة من النجوم المهرة في كافة الخطوط، لكن إدارة النادي التي كان يترأسها الأمير بندر بن محمد في ذلك الوقت ومعها الجهاز الفني رأت أن السبيل الوحيد لتقوية حظوظ الفريق للفوز في البطولة الآسيوية هي تقوية خط الهجوم لذا كان القرار بالتعاقد مع اللاعب المغربي الدولي صلاح بصير... في بداية الموسم كان الهلال يتوج بثاني ألقابه القارية على حساب جابيليو الياباني القوي، وبثلاثية تناوب الجابر والثنيان وبصير على تسجيلها.
هذه الرؤية الفنية لم تتغير في المواسم التالية لذا كان الهلال يعزز أرقامه الآسيوية حتى بلغت الرقم (6) وهو رقم غير مسبوق ومازال صامداً كرقم قياسي حتى اليوم.
في تلك الحقبة الجميلة من أيام الهلال كانت الخيارات والتعاقدات تبدأ دائماً لتعزيز الخطوط الأمامية، وكانت معظم الأسماء التي مرت على قائمة الفريق عند حسن الظن والمسؤولية والثقة، وأعطت مثل ما أخذت، ورحلت وقد نقشت ذكريات جميلة على جدارية الذهب الزرقاء.
من تعاقدات الهلال على سبيل الـ(جمال) يبرز الكاتو بيريز الذي أسهم في تحقيق بطولة السوبر الآسيوي بهدفيه في مرمى شيميزو، ويبرز أيضاً البرازيلي الداهية سيرجيو ريكاردو الذي سجل ثلاثية خالدة بعد ما كان الفريق متأخراً عن منافسة ناقويا الياباني بثنائية لصفر، ويبرز أيضاً ادميلسون الذي كان مع اللاعب الهادئ حسين العلي أيقونتي الفوز بآخر الألقاب الهلالية القارية على حساب تشونبوك الكوري!!
في تلك السنوات لم تكن معظم الخيارات الهلالية الأجنبية بالذات تذهب بعيداً عن رأس الحربة، ومن الأسماء التي مرت على الهلال الكويتيان الدوليان بشار عبدالله وجاسم الهويدي، والأخير ترك بصمات لا تنسى وساهم في إنجازات زرقاء أهمها كأس المؤسس قبل أن تقف الإصابة أمام طموحاته مع الهلال... بعد سنوات كانت بوصلة الهلال تتجه محلياً ناحية المهاجم الأبرز في بداياته ياسر القحطاني ونجح صناع القرار الأزرق في مساعي ضمه رغم محاولات الاتحاد.
بجانب المهاجمين التقليديين كان الهلال يتعاقد مع صناع لعب مميزين منهم كماتشو وويلهامسون والتايب وتياجو نيفيز وغيرهم، وميز هؤلاء عن غيرهم قدرتهم على الجمع بين صناعة اللعب والتسجيل.
مرت على تاريخ الهلال أسماء كثيرة ساهمت بطريقة أو بأخرى في كتابة بعض من تاريخه التليد، ولم يغفل الهلاليون حينها دعم الخطوط الأخرى في الفريق بحسب الحاجة الفعلية فبرزت أسماء أجنبية ومحلية في مراكز أخرى غير الهجوم وصناعة اللعب...!!
واليوم تغير حال الهلال ولم تعد خياراته بالقوة التي كانت عليها في وقت سابق، وهو ما أسهم في تراجع نتائج الفريق نوعاً ما، وعدم قدرته على الوفاء بطموحات جماهيره التي لا تتوقف ولا تعرف حداً.
في السنوات الأخيرة لم يكن العنصر الأجنبي بالفاعلية الكافية مع الهلال، لم يعد يصنع الفارق، ولا يملك التأثير الحقيقي، والمسؤولية تقع في الغالب على سوء الاختيار، أو عدم إيكال الأمر لأهله، وقبل موسمين كان كثير من الهلاليين يطالب بالتعاقد مع مهاجم أجنبي مميز يكون عوناً للشمراني، لكن أحداً لم يأخذ هذه المطالب والرؤى الفنية مأخذ الجد، لذا فرط الفريق بنتائج مهمة كانت إليه أقرب وهو بها أحق لو كان لديه لاعب يبصر طريق المرمى جيداً!!
وفي الموسم الحالي كان الرباعي الأجنبي جيداً مع ادواردو متوسطاً مع كواك...سيئاً للغاية مع الميدا صاحب الأهداف الستة في الدوري (!!) وديقاو الذي غاب كثيراً وظهر اسمه مرتين في قرارات انضباطية.. وحتى عندما يلعب لم يكن يؤدي بشكل جيد!!
الموسم الرياضي الحالي يوشك أن يرخي سدوله، ومعظم الهلاليين غير راضين عن فريقهم، ولا يخفون قلقهم مما تحمله الأيام القادمة، وهم يعرفون أن ما من وصفة تكفي لعلاج أوضاعه، غير أنهم يفكرون في المستقبل وما يجب أن تكون عليه الحال.
يجب أن يعود الهلال لخياراته القديمة عند التعاقد مع لاعبين أجانب، في أوروبا وفي كل العالم الأندية التي تريد تحقيق البطولات تتعاقد مع مهاجمين وصناع لعب، وعندما تتعاقد مع مهاجمين فإنهم يكونون من ذوي الصيت، وليسوا من فئة (رخيص وكويس) كما يفعل البعض.
أيضاً الفريق الذي يريد المنافسة يجب أن يقوي عموده الفقري.. الحارس... قلب الدفاع.. المحور.. رأس الحربة ثم يبدأ ببقية المراكز... في الهلال لا يبدو العمود الفقري كما يجب، الأهداف أصبحت تدخل بسهولة في مرمى الفريق وفي كل وقت رغم ترميم الدفاع بلاعبين أجنبيين، ولكن كواك متوسط المستوى وعدم وجود ساتر قوي أمامه زاد الطين بلة، منذ رحيل رادوي وخالد عزيز لم يوفق الهلال في محور يخفف الحمل على العمق الدفاعي رغم محاولات الحل بالتعاقد مع هرماش وكاستيلو وبينتلي!!
صناعة اللعب... كان نيفيز يقوم ببعض الواجب لكن مستواه تراجع فرحل وجاء مواطنه إدواردو الذي قدم نفسه كهداف يملك الحلول أكثر منه صانع لعب، وعندما غاب طوبلاً للإصابة انكشف حال الفريق ولا سيما في ظل غياب المهاجم المميز عنه هذا الموسم!!
رحيل دونيس حل لابد منه خاصة وأنه السبب الأبرز في تراجع نتائج الفريق لسوء تعامله مع الأدوات الموجودة لديه، لكن هذا لا يعني أن اللاعبين في مأمن.... الحقيقة التي يجب أن يقف عندها الهلاليون أن فريقهم بحاجة إلى دماء جديدة خاصة في خطوطه الأمامية، وأن مجاملة بعض الأسماء لن تكون في صالح الفريق، وأن أي تأخر في الحل يعني المزيد من التراجع!!