جاسر عبدالعزيز الجاسر
وسط ترقب وقلق كاد الانقلابيون في اليمن أن يغتالوا فسحة الأمل التي استشعرها اليمنيون ومحبو اليمن بعد أن حاولوا فرض أجندة من وظفوهم لتدمير اليمن وجعله ممراً لتخريب الجزيرة العربية ودول الخليج، ففي الوقت الذي كان الجميع ينتظر بدء مباحثات الكويت بين وفد الحكومة الشرعية وبين الانقلابيين، ظل الانقلابيون يماطلون ثلاثة أيام ويتمنعون القدوم إلى دولة الكويت رغم كل الاستعدادات والجهود التي بذلتها دولة الكويت وسلطنة عمان التي أرسلت الطائرة السلطانية لتوفير أقصى درجات الحماية ولتطمين وفد الانقلابيين الذين اعتادوا العيش ضمن الكهوف وفي الأماكن المنزوية، إلا أنهم لم يقدروا كل ذلك فبعد وصولهم إلى العاصمة العمانية مسقط اتجهوا إلى الابتزاز والمناورة ومع بقائهم في مسقط عقدوا العديد من اللقاءات والاتصالات مع من وظفوهم لتدمير بلادهم ملالي إيران فوجدوا أن يستنسخوا أساليب الملالي بمحاولة نسف مؤتمر الكويت بالرغم من معرفتهم أنه يمثل الفرصة الأخيرة لإنقاذ اليمن، إنقاذ من يعود إلى الصواب منهم، إذ إن فشل المؤتمر مثلما كانوا يخططون لذلك سيشعل الحرب من جديد وبضراوة هذه المرة والتي لا تؤدي إلا إلى مزيد من الدمار والخراب والخسائر والتشريد، وسيدفع اليمنيون الجزء الأكبر من تكاليفها، تأخراً في تنميته ودماراً لكل ما تحقق سابقاً للشعب اليمني من بنى تحتية ومزيداً من هلاك شعبه مع وجود مؤشرات مؤكدة أن الخاسر الأكبر سيكونوا من الانقلابيين بشطريهما الحوثيين، ومن يسير خلف الرئيس المعزول علي عبد الله صالح.
وفد الانقلابيين الذين وصلوا الكويت بعد تلكؤ ثلاثة أيام يعلمون بأنه مثلما أكد المبعوث الدولي أن الخيار أمام المتفاوضين واحد من اثنين لا ثالث لهما، وطن آمن يضمن الاستقرار وحقوق كل أبنائه، أو بقايا أرض يموت أبناؤها كل يوم.
معادلة واضحة يعرفها كل من حضر الكويت وكل من يتابع جلسات التفاوض من الفرقاء اليمنيين، إلا أن الذي أدهش اليمنيين قبل غيرهم والمتابعين هو سعي وفد الانقلابيين إلى تغيير جدول أعمال المؤتمر والانحراف بمناقشاته من بحث إنقاذ اليمن وطناً وشعباً، إلى تحصين وتأمين قياداتهم بدءاً من تمكينهم من الاحتفاظ بما سرقوه من الشعب اليمني ورفع العقوبات المفروضة من مجلس الأمن الدولي على زعمائهم من المعزول علي عبد الله صالح وعبد الملك الحوثي، مقدمين هذه الاشتراطات على الخطوات التي تتوافق مع بنود القرار 2216 وبنوده الخمسة والتي تنص على انسحاب المليشيات الحوثية وقوات المعزول من المدن وعودة السلطة الشرعية وتسليم الوزارات والإدارات لها، وإعادة الأسلحة المنهوبة من معسكرات الجيش، وإطلاق سراح المعتقلين والمختطفين السياسيين والعسكريين وتثبيت وقف إطلاق النار ومراقبتها من خلال لجان مشتركة.
وهذه النقاط هي التي تحظى بدعم ومساندة الدول الداعمة بما فيها الدول الخمس الدائمة العضوية في مجلس الأمن الدولي والدول الإقليمية وخصوصا دول مجلس التعاون، وهذه الدول لا تلتفت إلى محاولات الانقلابيين بتحصين أموال علي عبد الله صالح التي تقدر بـ(60) مليار دولار موزعة على بنوك سويسرا وتركيا ودول أمريكا اللاتينية وأوروبا، كما ليست مهتمة بتوفير الحماية لزعيم مليشيات الحوثي وكل من تلطخت أيديهم بدماء اليمنيين، إذ إن المهمة الأكثر اهتماماً لدى الدول الداعمة لمؤتمر الكويت هو إنهاء الكارثة التي حلت باليمن جراء تحرك الانقلابيين من حوثيين وجماعة علي صالح لتنفيذ مخططات ملالي إيران الطائفية لتدمير اليمن وإشغال دول الخليج العربية.