هاني سالم مسهور
لم يكد حديث محمد علي جعفري قائد الحرس الثوري الإيراني عن تجهيز مائتي ألف مقاتل أن يهدأ حتى خرج تقرير أعدته منظمة مجاهدي خلق الإيرانية -المعارضة- عن تجنيد الآلاف من الأفغان اللاجئين في إيران للحرب إلى جانب قوات النظام السوري بشار الأسد، وجاء التقرير ليكشف وجهاً آخر من الانتهاكات الخطيرة للنظام الإيراني لدول المنطقة، وتضمن التقرير معلومات مثيرة عن إجبار اللاجئين الأفغان على القتال في سوريا وأن أعدادهم وصلت إلى سبعة آلاف مقاتل مع نهاية العام الماضي 2015م.
أطلق على الفرقة الأفغانية اسم (فاطميون) اعتمدها الحرس الثوري الإيراني بعد أن شعرت القيادة العسكرية الإيرانية بخسائرها الفادحة في المعارك السورية التي انتدبت لها قوات الحرس الثوري من النخبة، مما جعل القيادة في الحرس الثوري لاستخدام أساليب لا إنسانية في دفع اللاجئين الأفغان للحرب في سوريا فهي تستخدم ضدهم التهديد المباشر بالسجن أو العفو عن السجناء منهم، أو تهديدهم بالإعدام أو العفو عن الذين تم إصدار أحكام بإعدامهم، ويستغل الحرس الثوري عدم وجود الأوراق الثبوتية لدى أكثر اللاجئين الأفغان لتجنيدهم في الفرقة.
ويقوم الحرس الثوري بنقلهم بالطائرات على دفعات متتابعة عبر مطار دمشق، ثم يتم توزيعهم على جبهات القتال السورية، ويشير تقرير منظمة مجاهدي خلق إلى فرقة «فاطميون» هي أحد أذرعة ما يسمى «قوة القدس» التابعة للحرس الثوري الإيراني، وتمتلك الفرقة وحدات المشاة والدروع والقناصين وكذلك الصواريخ، وأنها بلغت كتائبها على مختلف الجبهات إلى خمس عشرة كتيبة.
جانب التسليح والتجهيز للفرقة الأفغانية يتم تمويله مباشرة من الحرس الثوري، فيتم تقديم الدبابات والعجلات المدرعة وكذلك الأسلحة الخفيفة، أما ما يقدمه النظام السوري عادةً لهذه الفرقة لا يتجاوز سوى المجنزرات القديمة التي شاركت في قمع الثورة السورية في أوائل العام 2011م، وتحدث التقرير عن سوء أجهزة الاتصالات لدى هذه الفرقة، كما أن تدني مستوى التدريب للوحدات الأفغانية يعد ضعيفاً للغاية، وهو ما يفسر أعداد الضحايا الكبيرة في هذه الفرقة.
وتعد حامية الإمام حسين -70 كيلومتراً عن العاصمة دمشق- هي المعسكر الرئيسي للقوة الأفغانية، وهي المركز الذي يتم من خلال توجيه الأفراد على جبهات القتال المختلفة، ويتم تدريب الأفراد القادمين من إيران في معسكر جرمانا المحاذي للعاصمة دمشق، وتحدث التقرير بإسهاب عن المعارك التي خاضتها الفرقة في جنوب مدينة حلب إلى جانب الحرس الثوري الإيراني.
وعلى الرغم من تململ الأفغان من تسخيرهم في هذه المعركة بسبب تدني مرتباتهم وسوء مستوى التدريب الذي يحصلون عليه غير أنهم لا يملكون قدراً من القوة للتخلص من الضغوط الإيرانية التي يتم ممارستها عليهم باستمرار من خلال شبكات إيرانية واسعة داخل إيران وخارجها تعمل على تجنيد الأفغان فيما يسمى بالمعارك المقدسة تحت ولاية الفقيه.
من المهم أن يدرك العرب بأن الإيرانيين لن يكونوا متعاونيين إطلاقاً مع المرحلة الأخيرة وهي ما بعد «الاتفاق النووي» لأن الإيرانيين يدركون أن منهجهم منذ ثورة الخميني في 1979م يرتكز ليس على تصدير الثورة بل على تصدير الفوضى إلى دول المنطقة وهو ما أصبح حقيقة كاملة في سوريا والعراق ولبنان واليمن.
فرقة «فاطميون» هي واحدة من عشرات من الفرق المتخصصة في إثارة الفوضى الواسعة في سياق الدولة الإيرانية التي لا يمكن لها أن تكون جزءاً من المجتمع الدولي بغير أن تتخلى عن أسلوبها وهذا ما لا يمكن أن يحصل في ظل حكم الولي الفقيه على رأس السلطة في إيران.