هاني سالم مسهور
في لقاء فارق تاريخياً ارتحلت الإعلامية منتهى الرمحي إلى صنعاء في توقيت كان ينذر بانفجار بركان اليمن عبر موجة الاهتزازات المتوالية بعد أن أحرق البوعزيزي نفسه فاتحاً الباب لتوالي العواصف في عواصم العرب حتى استقرت في اليمن، كانت منتهى الرمحي تسجل لقاءً تلفزيونياً يلخص حقيقة تاريخ الرئيس - آنذاك - علي عبدالله صالح في مسيرة ثلاثة وثلاثين عاماً احتاج فيها إلى أقل من ستين دقيقة ليكشف عن كتلة الشر التي تسكنه.
في مارس 2011م كان ذلك اللقاء، وكان المخلوع علي عبدالله صالح يوزع الاتهامات على خصومه كما اعتاد ذلك، معتقداً أنه يمارس الرقص المعتاد على رؤوس الثعابين كما يصفه خصومه دوماً، لم يكن علي عبدالله صالح صادقاً كما في ذلك اللقاء، ولم يكن واضحاً كما كان عليه آنذاك، حتى وإن تظاهر بالقوة والتماسك غير أنه كان يشعر بأن مرحلة أخرى من تاريخه وتاريخ اليمن كاملاً تتبلور، وهذا ما حصل.
جدير اليوم أن نقف عندما وعد المخلوع صالح الشعب اليمني بالخيارات العسيرة، توعد الجنوبيين بكل بشاعة بتحويل أرضهم إلى «صومال» مقطعة أوصاله يتقاتل فيما بينه البين، توعد الجنوب مجاهرة بالارهاب، وتوعد الشعب اليمني بأن يعيده إلى نقطة الصفر عندما كانت اليمن في قبضة الامامة والتخلف، صدق المخلوع صالح فيما قال، اليمن اليوم يعيش ليلة 26 سبتمبر 1962م بكل ما فيها من الجهل والظلم، كل ما لا يعرفه جيل اليوم عن حقبة التخلف الإمامي يمكن أن نراه في مشاهد الدمار والفوضى القادمة من تعز والحديدة عبر نشرات الاخبار اليومية.
اهتز العالم كله في 2014م عندما شاهد عناصر تنظيم القاعدة الارهابي وهو يوزع القتل في مستشفى العرضي بالعاصمة صنعاء على المرضى والأطباء والممرضات، صور مفجعة أراد منها المخلوع صالح أن يقول لليمن إن لديه أذرعة شيطانية لن ترحمهم، وهذا ما كان توالياً منذ الانقلاب الغادر على السلطة الشرعية السياسية بالاعلان الدستوري في 21 سبتمبر 2014م وما تلا ذلك من تبعات تواصلت حتى انطلاق «عاصفة الحزم».
الإرهاب الذي يعصف بمدن عدن وأبين والمكلا يضعنا أمام سؤال واحد فقط، لماذا تنظيم القاعدة المتطرف لا يهاجم الحوثيين؟، أليست الحركة الحوثية خصماً مذهبياً للقاعدة؟!، الجواب أن القاعدة والحوثيين وكل شر على أرض اليمن هو بقبضة المخلوع صالح يحركه كيفما شاء، هذا ما وعد به الناس عندما انتفض عليه الشعب اليمني، فخرجت الثعابين التي يرقص عليها صالح على مدار ثلاثة عقود من جحورها.
لا يمكننا أن نرى مشهد القتل المروع الذي شهدته مدينة عدن في دار المسنين ونعتبر أنها جريمة طارئة في مشهد مضطرب، أن يصل القتل إلى بشاعة لا توصف بجريمة تهتز لها كل مشاعر الانسانية في كل مكان، اقتحام للدار أثناء صلاة الجمعة، وقتل للممرضات الهنديات، وترويع للعجزة الذين تقطعت بهم السُبل ليشاهدوا أعداء الله يقتلون ويسفكون الدماء إنفاذاً لأوامر الشيطان المخلوع صالح.
هذه الجريمة التي يريد منها المخلوع صالح مسألة واحدة وهي إثبات تهديداته في مارس 2011م عندما هدد الشعب بالارهاب والخوف والترويع وسفك الدماء أو أن يبقى حاكماً لليمن، تحدث هذه الجريمة البشعة مع تأكيدات أن الحوثيين شركاء المخلوع صالح ارتكبوا منذ سبتمبر 2014م أكثر من ستين ألف انتهاك لحقوق الإنسان، ذلكم ما ارتبكه الحوثيون، فكيف بما ارتكبه الذراع الآخر تنظيم القاعدة وداعش وأنصار الشريعة ومسميات أخرى هي أذرع المخلوع صالح في تنفيذ مشروعات القتل.
لم يعد أمام شعب اليمن خيارات ممكنة تجاه المخلوع صالح، فلابد من إسقاط الحصانة عنه ومحاكمته في المحاكم الدولية، فالعبث الذي تعيش فيه اليمن لا يمكن أبداً استئصاله إلا باستئصال رأس الشر الذي تعهد بالقتال أحد عشر عاماً أخرى، هذه الكتلة من الشر لا يجب أن تبقى في الحياة، وهذا الرأس المملوء بالأفكار الشيطانية لا يجب أن تجد فرصة للبقاء، وهذه النفس الخبيثة التي أظهرت النكران والجحود للمملكة العربية السعودية التي تكفلت بمعالجته بعد أن كان في عداد القتلى بعد تفجير جامع النهدين في العاصمة صنعاء، هذا هو المخلوع صالح تاريخ طويل من الشر، ومتلازمة عميقة مع الخراب والدمار، وقريباً ستكون النهاية والاستسلام.