فضل بن سعد البوعينين
اجتهد المختصون وعامة الشعب على جمع التصريحات الرسمية ذات العلاقة ببرنامج التحول الوطني للوصول إلى المعلومة الدقيقة التي تعينهم على الفهم؛ والاطمئنان على مستقبل المملكة. التعامل مع المستقبل وفق رؤية إستراتيجية شمولية أشبه بمن يضع القطار على سكة طويلة يفترض أن تقوده إلى نقطة الوصول المحددة سلفاً حين الانطلاق.
اتفق الغالبية على أهمية إيجاد «رؤية مستقبلية» تسهم في تحقيق نقلة نوعية للمملكة في المجالات التنموية، الاقتصادية، والمجتمعية. فالدولة التي لا تعمل على التطوير والتغيير المتوافق مع الاحتياجات المتغيِّرة؛ ستجد نفسها؛ متخلفة عن الركب. لم يجد المختصون؛ وإن اختلفوا في تفسير الرؤية الوطنية وتقييم مخرجاتها؛ صعوبة في قراءة «خطة التحول» المزمع تنفيذها؛ بخلاف عامة المواطنين الذين انشغلوا في تتبع الآراء المنشورة؛ المؤيّدة، والمتحفظة، والمتسائلة عن إمكانية تحقيق الأهداف الطموحة؛ فأصبحوا عرضة للتوجيه؛ مع نقص المعلومات والخطاب الرسمي الموجه لهم. اختلاف الآراء نعمة من الله؛ فمن خلاله يمكن التعرّف على المحاذير وتجاوزها؛ والتأكد من الإيجابيات وتعزيزها؛ فالهدف الأسمى هو الوصول إلى رؤية شاملة تضمن؛ بإذن الله؛ تحقيق التحول الوطني الذي يصبو له الجميع.
خصخصة أرامكو السعودية؛ والصندوق السيادي حظيا بالتركيز الأكبر؛ لمَ لا؛ ومن خلالهما؛ بعد الله؛ يتحدد مصير الوطن والأجيال القادمة. عندما يتعلّق الأمر بالمستقبل تخفق القلوب وتتعلّق الأنظار بمآلات الأمور؛ فتصبح المعلومة الرسمية أكثر أهمية وإلحاحا لطمأنة المواطنين؛ وإشراكهم في إعادة رسم مستقبل الوطن. الأكيد أن القيادة لم تأل جهداً في البحث والتقصي؛ والإسترشاد بإستراتيجيات التحول العالمية واختيار أفضلها؛ ووضع الدراسات التوسعية التي بنيت عليها إستراتيجية التحول؛ إضافة إلى ورش العمل المتخصصة؛ وورش عمل الوزارات المنعقدة خلال الشهرين الماضيين؛ غير أن المواطن يبحث دائماً عمّا يطمئن له قلبه؛ ويؤمن به عقله؛ وهو ما يحتاج إلى سماعه من القيادة؛ المعنية بالتغيير الإستراتيجي.
سمو ولي ولي العهد، الأمير محمد بن سلمان، أعلن لوكالة «بلومبرغ» عن موعد الإعلان عن الخطة الشاملة لإعداد المملكة لعصر ما بعد النفط في 25 أبريل؛ وأكد أن الرؤية المستقبلية للمملكة «ستشمل العديد من البرامج التنموية والاقتصادية والاجتماعية وغيرها من البرامج»؛ وأن أحد عناصر «الرؤية هو برنامج التحول الوطني، الذي سيتم إطلاقه خلال 45 يوماً.
الإعلان الرسمي عن «الرؤية المستقبلية» هوما يحتاجه المواطنون اليوم بعد أن كثر الحديث حول برامج التطوير والتغيير؛ فأصبح المواطن البسيط في بحر من المعلومات المتخصصة التي تتقاذفه دون أن تكون له القدرة على تحليلها أو تشكيل رأي مستقل حولها.
أكثر الخطوات صعوبة؛ أولها؛ وأشدها مخاطرة ما ارتبط منها بالتحول الكلي الذي قد يتسبب في زعزعة قواعد الارتكاز وقد يضمن؛ بإذن الله؛ في تشييد البناء وتحسينه؛ ما يتطلب حشد الجهود الحكومية والشعبية؛ وفتح باب التواصل الإيجابي وبما يساعد على وضوح الرؤية؛ وتهيئة البيئة المناسبة لإنجاح المشروع الإستراتيجي.
إشراك المواطنين بكافة شرائحهم في خطط التغيير الإستراتيجية تجعلهم جزءاً منها؛ والأكثر حرصاً على إنجاحها؛ والأقل تمنعاً تجاهها. تعمد الدول الغربية إلى تهيئة الرأي العام للمشروعات الإستراتيجية المؤثّرة في معيشتهم، وتدخل معهم في نقاشات موسعة من خلال المؤسسات الرسمية والمجتمعية لضمان إنجاح المشروع. معرفة الحكومة التامة بأهمية البرامج الإستراتيجية لا تعني تخليها عن مواجهة الرأي العام للإجابة عن استفساراتهم وطمأنة مخاوفهم؛ وإنارة الطريق أمامهم ليروا حقيقة المشروع؛ لا ما يتبناه الآخرون.
التعامل الاحترافي مع الإعلان الرسمي لرؤية المملكة المستقبلية لا تقل أهمية عن «الرؤية» نفسها؛ فالقبول الشعبي هو جزء أصيل من مقومات نجاح المشروع؛ وتحقيق أهدافه الطموحة. يفترض أن يشتمل الإعلان الرسمي على أجوبة شافية لكافة التساؤلات المرسلة خلال الأشهر الماضية والتي لم يجد المواطنون إجابتها بعد. تمتلك الحكومة مفاتيح النجاح في إمضاء مشروع «التحول الوطني» وأحسب أن «الرأي العام» هو أحد المفاتيح المهمة التي يتطلب الموقف التعامل معه بحذر وشفافية مطلقة وبما يقطع الطريق على كل مترصد أو باحث عن نقاط الاختلاف لتعظيمها وعرقلة المشروع الوطني الذي طال انتظاره. أثر خطط التحول على معيشة المواطن؛ ومستقبل الأجيال القادمة؛ والثروات الوطنية من أهم القضايا التي يفترض التركيز عليها بوضوح يفهمه العامة قبل الخاصة؛ وهذا ما أتوقع حدوثه يوم الاثنين القادم حين إعلان برنامج التحول الوطني.