د.علي القرني
الدبلوماسية السعودية تقع في ذروة النجاح الممكن في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -يحفظه الله-، فقد استطاعت هذه الدبلوماسية التي يقودها شخصياً أن تسجل نجاحاتها على المستويين الإقليمي والدولي، كما استطاعت هذه الدبلوماسية أن تطيح بمخططات الغدر والتخريب التي حاولت إيران ولا تزال تعمل على إضعاف مكانة المملكة ودورها العربي والإسلامي والدولي، وبالتالي بسط إيران نفوذها الإقليمي في المنطقة.
ولنضع النقاط على الحروف فإن إيران تحديداً ومنذ أكثر من ثلاثة عقود وهي تعمل على نهج توسعي كبير من أجل بسط هيمنتها ونفوذها في المنطقة، وهي تحاول أن تحيط بتهديدات حقيقية وكبيرة بالمملكة من كل الجهات، ولكن المملكة ومن خلال دبلوماسية الملك سلمان معززة بقرارات اقتصادية وعسكرية تحجم الدور الإيراني في المنطقة، كما كشفت تلاعباتها وحيلها ودسائسه ضد المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وشعوب هذه الدول.
وإيران على مدى العقود والسنوات الماضية تعمل من خلال جماعات تخريبية وأحزاب طائفية أن تفرض حالة من عدم الاستقرار في المنطقة وتحديداً ما يحيط بالمملكة من دول وبحار، وهي تبذل كل إمكاناتها المادية والعسكرية والسياسية والإعلامية في سبيل فرض النفوذ الإيراني الطائفي على المنطقة بشكل عام.. والمملكة ودول مجلس التعاون الخليجي تدرك مثل هذه الفكر التوسعي لدور إيران في المنطقة، واستطاعت أن تواجهه بكل الطرق الممكنة لمواجهة محاولات مستمرة في زعزعة أمن المنطقة الخليجية والعربية.
ونجحت المملكة العربية السعودية بقيادة دبلوماسية واعية ومدركة للخطر الإيراني أن توقف وتحجم دور إيران الذي تحاول أن تلعبه ضد أطراف إقليمية كبرى كالمملكة، وكذلك استطاعت المملكة أن تكشف هذا الدور أمام الرأي العام الخليجي والعربي والدولي، حيث هناك مخططات إيرانية كبيرة للاطحة بالمنطقة ككل لصالح نفوذ إيراني سياسي وعسكري وثقافي. ولا شك أن العراق كانت بداية المعركة ثم سوريا ولبنان واليمن وبعض دول إفريقية عربية وغير عربية، هي ميادين المعركة التي تحاول من خلالها إيران أن تؤسس نفوذها التخريبي الذي يأتي على مصالح دول ومؤسسات وثقافات في هذه الدول.
وعاصفة الحزم كانت هي بداية فقط لجهود سياسية وعسكرية تتبناها المملكة في مواجهة التوسع الخطير لإيران في منطقتنا العربية.. ولكن النجاح الأكبر للمملكة هو «عاصفة حزم سياسية» تقودها المملكة لفضح المخططات الإيرانية، وهذا ما كشفته وتكشفه التحالفات الإيرانية مع دول وأحزاب وجماعات إرهابية في بعض الدول العربية، كما أن إيران استطاعت أن تشتري أبواقاً إعلامية من أجل التمهيد لقفزاتها التوسعية المتوقعة دائماً من مثل هذا النظام الطائفي.
وما نحتاجه في هذه المرحلة المهمة من تاريخ جديد للمنطقة هو تضافر الجهود السياسية والإعلامية والثقافية لمزيد من فضح المخطط الإيراني التوسعي في المنطقة العربية، ومواجهته سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً. ومن هنا ندعو كافة المؤسسات ذات العلاقة في دعم هذا المجهود «عاصفة حزم سياسية» واستيعاب كافة العناصر الفاعلة والمقتدرة في مواجهة الإرهاب الإيراني في منطقتنا العربية.
ولا شك أن التنديد والاستنكار الذي تواجهه إيران من قبل منظمات عالمية وإقليمية ومن شخصيات سياسية وعسكرية من داخل المنطقة وخارجها، وكذلك إضعاف الدور السياسي لإيران في المنطقة من خلال قطع العلاقات الدبلوماسية أو تخفيضها أو سحب السفراء أو قطع العلاقات الاقتصادية ستضع إيران أمام محك حقيقي لاختيار مسارها الذي تريد أن تنتهجه مع دول المنطقة، فسياسية الثورة التي تريد تصديرها انتهت، ويبقى لها دور دولة مارقة أو دولة منسجمة مع المنظومة الإقليمية والدولية، وهذا ما تحددها السياسات الإيرانية التي سنتابعها في المستقبل.