عبد الله بن سالم الحميد
بمزيج من طموح الشباب وعشق الشعر، وألق الفكر برزت شخصية الشاعر عبدالله العثيمين فأشاح وجهته عن ميدان التجارة رفقة والده إلى الانعزال عن إغراءات الدنيا وزينتها إلى التوجُّه الحازم نحو التعلم في المدارس الفقهية، قبل الانتظام في نسيج التعليم ليتفوّق في انتظامه،حتى تمكن من صلة طموحه إلى الاغتراب لمواصلة دراسته العليا في إسكتلندا، وهو يحمل همّ وطنه ومعاناة أمته التي انسكبت تجلياتها في شعره الذي باحت به قصائده في مجموعاته الشعرية التي صدرت منذ (عودة الغائب عام1401هـ) و(بوح الشباب) و( لا تسلْني) عام 1415هـ -1995م.
إلى (دمشق، وقصائد أخرى) عام 1424هـ - 2003م. إلى آخر قصيدة نسجها فكره، وصاغتها قريحته المتدفقة بالبوح والنشيد الوجدانيّ الحزين.
الشاعر الفذ عبدالله العثيمين إنسانٌ متدثرٌ بالألق والتجدّد الواعي، والهم الثقافي الحاضر في زمن نذر نفسه للتعبير عنه، وتوثيقه شاعراً، ومؤرِّخاً، وكاتباً يجيد صياغة الأحداث، ومزامنتها، واستضافة أصداءها، ونتائجها مستخلصةً برأي حكيم، وتحليل واقعيّ راصد، ورؤية واعية.
عرفه الميدان العلمي معلّماً ومحاضراً، وأستاذاً جامعيّاً له صوته، وصولته، وتأثيره.
وعرفه المنبر صوتاً متجلّياً دقيقاً في الاختيار والتعبير، مؤثراً للشاعرية، صادحاً بها حتى في تقديم الشخصيات الفقيهة الفائزة بـ(جائزة الملك فيصل العالمية) التي ظلّ أميناً لها على مدى سنوات أثيرة تشهد له بالتفوق، والجدارة.
وقد عبّر عن تقديره ومكانته رئيس مجلس إدارة الجائزة الأمير خالد الفيصل، وأمينها الجديد د. عبدالعزيز السبيل في احتفالية الجائزة لهذا العام 1437هـ.
وافتقده الميدان الثقافي، والحقل التعليمي، والمنبر الفكريّ بعد أن أبعدته معاناة السّقام - شفاه الله-
وكان لزاماً علينا تلاميذه، وعشّاق تعبيره أن نتذكره بالحضور، ونذكره بخير ما قدّم، وروائع ما أبدعه في تجلياته الشعرية المتدفقة برحيقه الوجداني الأثير.
إنه الصوت الشاعريّ، الأستاذ الجامعي المفكر المسكون بالتواضع، المخلص في عمله لمواطنيه، ودينه، ووطنه.
رحمك الله يافقيد الوطن وأسكنك فسيح الجنان.