هدى بنت فهد المعجل
فلسفة الأشياء يجعلنا على وعي بها، بالأشياء. من ذلك فلسفة الشعور. فأنا عندما لا أشعر بشيء، فإني أشعر بأني لا أشعر بشيء. وهذا بحد ذاته شعور يقودني إلى الشعور بباقي الأشياء عندما أريد ذلك وأركز.الشعور: إدراك المرء لذاته ولأحواله وأفعاله إدراكاً مباشراً، وهو أساس كل معرفة. فشعورنا الشخصي لا يمكن أن يدركه أحد غيرنا، إلا إذا أطلعناه نحن بذلك.
أما عن شعورنا الخارجي، شعورنا بالعالم الآخر بالأشياء والأحداث من حولنا فهو شعور اصطفائي، نصطفي منها ما يعنينا أو يلامسنا أو يتعلق بنا بالتالي نحن لا نشعر بكل شيء في الخارج ولا بكل شخص أو بأي حدث يقع. فالشجرة مثلاً لا يشعر بها بتفاصيلها بألوانها وألوان الثمار عليها أو ألوان الأوراق لا يشعر بها مثل الفنان أو الرسام التشكيلي حيث يلمس فيها مادة لوحة تشكيلية وخامة لا يلمسها الطبي ولا المهندس أو الحداد. عدم شعورهم بتفاصيل الشجرة شعور الفنان لا يعني أنهم لا يشعرون بها تماماً. بكونها «مثلا» شجرة جميلة تدفع لتأملها، لكن دون أن ينتج عن التأمل إبداعاً كالإبداع الذي سيخرج به الفنان إذا شعر بها وتأملها. شيء آخر وهو أن هذا الشعور متغير بتغير أحوالنا وأمزجتنا فشعوري أمام الطعام وأنا جائعة يختلف عن شعوري تجاهه وأنا شبعانة تماما. كذلك شعور الإنسان حيال صديقه أو زوجه أو أسرته يرتبط بأحواله النفسية وبمزاجه، بدليل أنك تشعر، أحيانا، بعاطفة قوية تجاه زوجتك وفي وقت آخر تجد في داخلك فتور نحوها. تلك العاطفة وهذا الفتور موقوت بحالتك النفسية وبمزاجك بالتالي إذا فهمت نفسك وفهمت تقلبات الشعور تستطيع إفهام زوجتك عن سبب عدم استقرار شعورك الذي قد تجده هي أيضاً في داخلها معك. التعطّل المؤقت للشعور جراء ظروف معينة لا يلغي الشعور نهائياً. التغيّر طبيعة الأشياء والأشخاص وكذلك التذبذب وعدم الثبات. بل إني أرى الجمود في الثبات وأرى البرود فيه أيضاً. مهما عشقنا الأشياء والأشخاص فإننا إذا داومنا عليها/ عليهم واستمرينا معها/ معهم شعرنا بالملل منها/ منهم. الملل شعور ناتج عن اللاشعور بالشيء أو بالشخص. وهذا يؤكد أن الشعور متصل غير منفصل ولا منقطع، يقول وليم جيمس «الشعور تيار متواصل ومتدفق باستمرار، حالاته السابقة تؤثر في حالاته الحاضرة». لكن يحدث أن يجد الإنسان في نفسه شيء لكنه لا يشعر لماذا وجد هذا الشيء في نفسه. بمعنى لا يعرف ما الداعي لهذا الشيء. كأن نجد أنفسنا فرحين أو مبتهجين دون أن نعرف سبب هذا الفرح والابتهاج. وربما نميل لأشخاص أو ننفر من أشخاص دون شعورنا بدوافع الميل والنفور!. علماء النفس جعلوها تحت تعريف «اللاشعور» ووصفوها بأنها: مجموعة العوامل والعمليات والدوافع التي تؤثر في سلوك الفرد وفي تفكيره ومشاعره دون أن يكون شاعرا بها أو بكيفية حدوثها وتأثيرها. لكن هذا لا يمنع بأن فئة من علماء النفس أنكرواجود اللاشعور «وأنا معهم في هذا الرأي» حيث لا يمكن حدوث شيء من لا شيء بمعنى لا يمكن لي أن أفرح هكذا بدون دافع للفرح، قد لا يكون دافع آني إنما شيء لم أدرك وجوده لحظة شعوري بالفرح، شيء أتصور في منطقة اللا وعي. وهنا علماء النفس يعتبرون اللا شعور إما أن يكون نفسيا أو فيزيولوجيا كدورة الدم في الجسم وهو في هذه الحالة غير مقصود لا يمكن إدراكه بالملاحظة الخارجية لأن هنا إدراك لا شعوري غير موجود. وجود الشيء لا يعني ملاحظته فالجاذبية الأرضية موجودة نشعر بها لكن لا نلاحظها. وقد نلاحظ شيء ولا نشعر به، لكننا نشعر بعدم شعورنا به، إذا نحن نشعر وكفى.