هدى بنت فهد المعجل
قال مرة «كل شخص يفكر في تغيير العالم، ولكن لا أحد يفكر في تغيير نفسه». وقال مرة أخرى «الكثير ممن فشلوا لم يدركوا مدى قربهم من النجاح عندما استسلموا». لم يقل العبارتين عبثاً وهو قد غيّر نفسه متحدياً فشله حتى أصبح عبقرياً، بعد أن كان غبياً شارد الذهن في مدرسته لا يصلح لشيء، حتى إن أستاذه وصفه بأنه فاسد، فترتب على ذلك طرده من المدرسة ليس بسبب غبائه وحده، إنما أيضاً بسبب ضعف سمعه، بالتالي عدم صلاحيته للتعليم في المدرسة.
هل فعلاً هو غير صالح للتعليم بناء على تلك الأسباب والعيوب؟ أو هل التعليم مقتصر على مؤسسات التعليم الحكومية والأهلية؟ قطعاً لا، أمام احتواء «أم» كانت بديلاً مخلصاً عن المدرسة بما هي ثرية به من حب ساقها نحو تعليمه القراءة والكتابة والعلوم، وعندما بلغ 11 عاماً كان درس تاريخ العالِم نيوتن، والتاريخ الأمريكي، وروايات شكسبير وغيرها من الثقافة المنوعة.
تُرى هل كانت المدرسة، لو استمر فيها، ستعلمه الذي تعلمه «بإخلاص» على يد والدته، خصوصاً أنه تحوّل من غبي في نظر معلمه إلى مخترع ساحر في نظر الناس والعالم؟ لن أشير إلى اختراعاته التي عُرف بها وبها اشتهر، إنما سأقف على أهم اختراع رد به شيئاً من أفضال والدته عليه.
نعم، هو اختراع أنقذ البشرية، لكن قبل ذلك ربط والدته بأحد الأسباب التي دفعته لاختراعه حين مرضت وقرر الطبيب إجراء عملية جراحية فورية لها، لكن الوقت كان ليلاً، ولا يوجد ضوء كافٍ، فاضطر الطبيب إلى الانتظار حتى الصباح ليجري العملية. لهذا السبب أجرى الابن محاولاته مصرّاً على اختراع المصباح الكهربائي فخاض أكثر من 99 تجربة فاشلة وفي كل تجربة يقول «هذا عظيم، لقد أثبتنا أن هذه أيضاً وسيلة غير ناجحة للوصول إلى الاختراع الذي أحلم به»، فكان يقول إنها تجارب لم تنجح. وعلى الرغم من عدم نجاحه في عدد كبير جداً من المرات إلا أن ذلك لم يدفعه لليأس، بل استمر في المحاولة، وفعلاً في عام 1879 أنار مصباح أديسون العالم حتى الآن. 136 عاماً منذ اخترع توماس أديسون المصباح والعالم يتمتع بالضوء، لكنه يجهل أن خلف الفكرة وفاء لوالدة تأجلت عمليتها الدقيقة من الليل حتى شروق الشمس بسبب الظلام الذي أناره بعد ذلك أديسون بمصباحه مفتخراً بوالدته التي صنعته، لأنها كانت تحترمه وتثق به، كما قال، وسعيد بأنه لم يخترع سلاحاً يقتل، إنما ضوء يهدي وينير.