رمضان جريدي العنزي
منذ عادت جزيرتا تيران وصنافير إلى السعودية ذات الملكية والسيادة والتي لم يكن هناك تنازع عليهما أصلاً بين الدولتين مطلقاً، وذلك حسب الوثائق التاريخية والدبلوماسية والسياسية والعسكرية، وأصوات النشاز تتكاثر وتنبعث إلى مسامعنا بلغات غير سوية ولا منطقية وليس لديها دليل أو حجة أو برهان أو يقين، مثل طنين ذباب على بقايا طعام بائت، مجانين يهوون دق طبول الفتنة ليرقصوا حول نيرانها المشتعلة، ضباع مسعورة تتهيأ للركض اللامنضبط، قرود منفلتة تقفز من شجرة إلى أخرى، متسولون يحاولون المساس بهذه العلاقة المميزة والوطيدة بين هاتين الدولتين العربيتين المؤثرتين عربياً وإقليمياً ودولياً، مهلوسون يحاولون بيع كلامهم الأصفر على أرصفة البازار المعتم الرخيص، مدفوعين من جهات مشبوهة لا تريد خيراً ولا استقراراً ولا نماءاً لهذين البلدين المهمين، عملاء متنوعين متوزعين في زوايا الأرض يعرفون بعضهم البعض، ويخابرون بعضهم البعض، ويصفق بعضهم للبعض الآخر، وفق هراء مؤسف ومخجل، ومسرحيات مضحكة باهتة، ويتقنون أبجديات الدسائس، مرتزقة نهمين هم المال وكسبه، يحاولون بعثرة أية جهود أو محاولات لملمة شمل الأمة العربية التي تمر بأصعب وأدق الظروف المصيرية، والتي يحيط بها الغموض من كل صوب وحدب وجانب، لهؤلاء المرتزقة الجشعين حكايات وأسرار وأماني ومبتغيات، يوزعون خرافاتهم بلا نظر ولا تبصر وفق هفوات كبيرة، وعور بائن، وذمم رخيصة، يجيدون سرد القصص الكاذبة، والحكايات الملفقة، وتزييف التاريخ والحقيقة والواقع، ويتفننون في البهت والدجل، قطيع متنوع تائه يحيط به الغموض ويبحث عن ممر سهل، حلم غبي ما يراودهم، يتجاهلون الأخطار المحدقة بالأمة العربية، قصداً وعمداً وعنوة، أصبحوا مواطئ لأقدام الأعداء، يحاولون نشر الأمراض والأوبئة والفساد، مياههم غير صالحة للشرب، وطعامهم شحيح، يفتك بأرواحهم السقيمة البغض والغل والحسد، يهللون للخراب والدمار، لا يعرفون العيب ولا الحياء ولا مرتكزات العلاقات الإنسانية والدولية، ولا يملكون شيمة الشجعان، الكراهية تنبعث من محطات نفوسهم الكريهة، ولا يجيدون سوى التهكم والتباكي واجترار الحكايا الباهتة، عيونهم الصغيرة مسلطة على أبواب وشبابيك أهلهم وجيرانهم، لا يعرفون التناخي، والتآزر، ولا النظر البعيد، ويتحاشون أن يعرفوا بأنهم مجرد علف مجتر في أفواه الأعداء، الذين سيلفظونهم ساعة انتهاء المهمة، هؤلاء النواحة النباحة،يتواطؤون مع الأعداء ويتآمرون معهم، يزيدون مصائب الأمة العربية مصائب، ومحنها محن، وكوارثها كوارث، وإسقاطاتها إسقاطات، وزلازلها زلازل، وبراكينها براكين، يرفضون كل بهاء لهذه الأمة العربية التاريخية العريقة، ويحاولون العمل على نكوصها إلى بدايات الحياة، مجموعة متنوعة فاشلة ذات ألوان وأحجام وأشكال وصبغ نافرة من الأزلام والأقزام المهووسين بخراب الأمة، يجيدون تكشير الأنياب، والتفنن بإسقاط كل جميل وحسن ورائق، يجيدون نهب الإرث، وتزوير التاريخ، والتعدي على الزمن، ويتربصون لكل ناجح نابض بالحياة، سواء كانت دولة أو إنسان، ويسعون لإشعال فتائل الحريق، إرضاء لنفوسهم المريضة، ومع ذلك يحاولون باستماتة إثارة المسائل القانونية وإبرازها بأنها خارج القانون والرضى والاتفاق، لياَ لأذرعة الحقيقة والواقع، نتيجة حقدهم الدفين ومن يدفعهم ويحثهم ويشجعهم ويصفق لهم، المسألة ليست كما يظنها البعض بأنهم مجرد وطنيين وعروبيين يريدون إعلاء الأمة وسؤددها، وأنهم مدافعون جبابرة يريدون أن يخلصوا الأمة من أعدائها الحقيقيين، الحقيقة الناصعة الوضوح هم مجرد ترسبات طفيلية زرعها أعداؤنا الحقيقيون بيننا، وفق عوامل وأساليب وطرق عديدة ومتعددة، لقد أصبح هؤلاء النواحة النباحة من أشد أعداء الأمة، الذين كبدوها الشيء الكثير مادياً ومعنوياً، وأصابوها بالجراحات العميقة، والنزف المستمر، وأصبحوا مع الأسف معاول هدم بغيض، لم يفهموا التاريخ، ولا الجغرافيا، ولا المناخ، ولا تضاريس الأرض، ولا المواثيق، ولا العلاقات الدولية، ولا السياسة، وهم الآن يضعون أنفسهم في جحر ضب، إن خرجت من جحرها قتلت، وإن بقيت في جحرها قتلت، إنهم يسجلون للتاريخ بأنهم عملاء متميزون يعرفون بعضهم البعض، وستبقى السعودية ومصر دولتين عملاقتين، ثم جبلين عظيمين غاية في الصمود والثبات والتحدي، ومنارتي إشعاع لعالم يلفه الخوف والتوجس والظلام.