عبدالله بن محمد أبابطين
قالت سيدتي الوالدة الجوهرة بنت الأمير محمد بن ماضي- رحمه الله- يا عبدالله سوف أحدثك عن هذا القصر (قصر أبوي وعمي وأهلي).
هذا القصر الذي زاره العديد من أئمة وملوك آل سعود- رحمهم الله- وكذلك العلماء ورؤساء القبائل وأهالي الروضة وسدير، وكانت تعقد به الكثير من أمور إقليم سدير منذ إنشائه قبل ما يزيد على مائة وخمسين سنة، كانت بدايته في الجهة الغربية من حزم روضة سدير في وقت كان جدي الأمير عبدالعزيز بن جاسر بن ماضي أميراً على الروضة ثم التوسعة الأخيرة وهي التي تعرفها وكانت ولادتك بهذا القصر.
أما البناء الأول كان في الجهة الغربية من حزم الروضة وهو مكون من مجلس ومقلط (ساحة للأكل) وخدمات الغرف لضيوف الأمير وكذلك في الدور الأعلى غرف العائلة.
وأما التجديد الأخير الذي تم في حدود مائة سنة فإن له إطلالة على حزم الروضة بطول لا يقل عن (80) متراً وله باب لا يستطيع حمله إلا عدد من الرجال، وكانت (الركايب) الإبل والخيل تدخل مع هذا الباب متجهة إلى ساحة مساحتها حوالي ألف متر.
وقد بني للضيوف خمس غرف مساحة كل واحدة حوالي 60 متراً، وعند المدخل الرئيسي هناك باب آخر كبير يدخل معه الضيوف، وفي المقدمة مجلس مساحته حوالي 200 متر وبجانبه مساحة كبيرة للأكل، أما الأدوار العليا فقد عمل مجلس مطل على حزم الروضة ومساحته (200) متر، وبه نوافذ عالية ومتقنة الصنع كل واحدة طولها حوالي متر ونصف وبجانبه مقلط للضيوف وبشكل معماري نجدي مميز، وأما الغرف فهي متعددة لا تقل عن عشرين غرفة أهمها الغرف الخاصة بجدتي هيا بنت عبدالرحمن أبابطين (أم الأمير محمد وعبدالعزيز) فقد كانت ذات رأي سديد وحكمة ومحبة للفقراء والعناية بالضيوف وقت غياب أبنائها، ويطلق على مكانها (القطيّع) وبجانبه مجلس خاص بالجدة ولها جلسة في الصباح وبعد العصر والمغرب وتأتي النساء للسلام عليها.
وقد زارها العديد من الأمراء والوجهاء وكان ممن زارها الأمير عبدالله بن فيصل وقال لها أنت الأميرة وأم الأمير، وكان من عناية ابنها الأمير عبدالعزيز بها أن عمل لها خزانا خرسانيا قبل ستين سنة ينقل الماء من المزرعة إلى أماكن تواجدها، كذلك قام بتركيب الكهرباء الخاصة بهذا القصر، وقد كانت ابنتها لطيفة- رحمها الله- تقوم بخدمتها ورعايتها والاهتمام بالمحتاجين وضيوف والدتها.
وأما بقية الغرف فكانت موزعة على الدور الثاني والثالث وجميعها لا تقل مساحة الواحدة عن خمسين متراً، وفي اعتقادي ارتفاع المبنى في حدود ثمانية عشر متراً، يتضمن الدور الأرضي وارتفاعه ثمانية أمتار والأول وارتفاعه خمسة أمتار والدور الثاني وارتفاعه ثلاثة أمتار ثم السطح وهو مزخرف بالشرف ومكسو بالجبس الأبيض وفي جوانب أعلى القصر زخرفة الشرف ولكن بحجم أكبر.
لقد شهد هذا القصر في مراحله المختلفة العديد من المناسبات التاريخية بضيافة أمراء آل سعود في مختلف أطوار الدولة السعودية وآخرها كان في عهد الملك عبدالعزيز- رحمه الله- ثم أنجاله الملك سعود والأمير محمد بن عبدالعزيز وكان صديقاً لوالدي والملك خالد بمناسبة خاصة بالأسرة وهو زواج أختي نوره، حضر هذه المناسبة سبعة من أبناء الملك عبدالعزيز- رحمه الله- وكان منهم الملك فهد والأميران سلطان ونايف- رحمهم الله- والملك سلمان أدام الله عزه، وممن زار هذا القصر قبل فترة الأمير عبدالله بن جلوي رحمه الله.
أما العلماء ورؤساء القبائل فذلك بصفة أسبوعية، وأذكر (يا ولدي) أن قدور المطبخ لا تتوقف ليل نهار من كثرة الضيوف.
وأما أهالي سدير وأهل الروضة فكان لهم مكانة عالية عند أبوي وعمي، وكانوا- رحمهم الله- وفي جميع مواقع عملهم التي شرفهم بها الملك عبدالعزيز في ضبا والقنفذة وجيزان ومقاطعة الظهران ووادي الدواسر والقطيف والخبر، كان يعمل معهم العديد من أهالي الروضة وسدير.
وكان إخواني عبدالعزيز وعبدالله وحمد- رحمهم الله- يقومون بالإمارة مكان (أبوي وعمي) حتى تم تعيين أخوي عبدالله أميراً على الروضة قبل حوالي ستين سنة، واستمر على عادة أبيه وعمه وأجداده في استقبال الضيوف وإكرامهم والاهتمام بأمور الروضة ومشاريعها حتى أصبحت من أفضل البلدان، وأذكر يا ولدي أن أبوي يباشر عمله في كل وقت ليلاً ونهاراً وينظر في أمور الناس وإكرام الضيوف، وبعد تطور الروضة ترك هذا القصر وتهدمت جوانبه ولكن بحمد الله اتفقنا مع إخواني وأبناء عمي على إعادة بناء هذا القصر كما كان في السابق ليكون شاهداً على مراحل تاريخية هامة كان حضورها ملوك آل سعود ووجهاء بلادنا الغالية، فقد قام الابن محمد بن عبدالعزيز بن محمد بن ماضي بالإشراف وإعادة البناء فجزاه الله خيراً وبارك الله فيه.