Humpty Dumpty
يقف المعين على ساقين رفيعين تكادان أن تكونا رأسًا، مثل البيضة المقلوبة، بيضة بزوايتين جانبيتين حادتين كذراعين قصيرتين، لا يمكنهما أن تشكّلا قطعة مستقيمة، ما دامت كل واحدة منهما تمتد في اتجاه مختلف مثل شعاع، وأقصى أملهما أن يلتقيا في مصافحة تنهي شتات الأمس وعناء الغد، وربما تشطحان قليلًا فينتابهمها حماس للإطاحة بروديارد كبلنج! ذراعا المعيّن ثوريتان أكثر مما ينبغي لهما ولهذا وقع همتي دمتي عن الجدار وتحطم!
منشور
يحاول التخلص من اسمه الذي يحمّله إرثًا من العتمة والسراديب والأقبية، يراوح بين وجوهه الكثيرة دون جهد، يتخلى عن «نون» الوسط لتكون الواو بديلا يحمل الكثير من النور، ذلك النوع من الضوء الذي يلتحم بسلاسة مع شفافية السطح ليقيم كرنفاله الخاص من الألوان مغدقًا عليها اسمًا يقال له قوس قزح، اسمًا لا يمكن منحه إلا لهذا القوس، اسمًا يليق بمولوده الفريد الذي لا يضاهيه بهاء إلا المطر. في سعيه لإبعاد الشبهة عنه يعيش مثل عائلة «بربا الشاطر» في ألف شكل، فهو صندوق لحفظ مشابك الورق ومقعد ملائم لطاولة الزينة، وإطارٌ باهتٌ لصورٍ قديمة، ورقعة لركبة بنطال مزقتها شقاوة طفولة مؤجلة!
عاج
لم يكن المخروط سوى هرم تنازل عن تاريخه العظيم، مختارًا الهبوط على رأس طفل يحتفل بالذكرى العاشرة لميلاده – وحيدًا- ضجرًا من محاولات المهرج البائسة في استدعاء ضحكة! وربما في هبوطه ذاك لم يكن أكثر من وطواط يتدلى من غصن، يهضم ما تبقى من وليمة الليلة الماضية بكسل شديد، لا يبدو أنه مكترث كثيرًا بحساب السعرات الحرارية المكتسبة والمستهلكة، لم يعد يعنيه في تدليه ذاك أكثر من ألا يتحول إلى نموذج محنط في المتحف العلمي يزوره التلاميذ كل عام تاركين على صندوقه الزجاجي كثيرًا من «البخر» يقضي بعده الأشهر التالية في التخلص منه، وما زال يحلم بالتحول إلى ناب فيل ما دام لهما الشكل نفسه والتدلي نفسه، ويوقن عندها أنه سيحظى بكثير من التبجيل!
لولب
يبدأ إعصارًا، ثم ينتهي به المطاف ليصبح مجرد لولب، يستعير ربع دائرة في كل مربع كي يصنع نفسه ولهذا عُدّ مهجنًا وليس أصيلاً، فيمارس شيئًا من العنف في قرون الوعول والأيائل في السهوب، و يقرض بعضًا من حركاته «للأفعوانية» لعله يحظى بشيء من الإثارة في صراخ اللاعبين وهلعهم. رغم كل الصخب الذي يحيطه لم يعلم أحد أنه «أصم»، وأنه يدور في حركة وحش «تسمانيا» كي يدرأ عن نفسه تهمة بطء «الحلزون» الذي يحتاج!
أسطوانة
مشغولة بهم الدوران، تستحضر حركة الدائرة- جدتها القصيرة، ألا يذكّرك ذلك بالسيدة ملعقة- فتشغل كل أطرافها (دون أن يكون لها أطراف واضحة) للتنقل من مكان إلى آخر، أو حتى من أغنية إلى أخرى! الغريب أنهم يسمون أقراص الحاسوب أو «الفونوغراف» بالأسطوانات، رغم أنها كلها دائرية – الشكل الخانق- لكنهم استعاروا لها هذا الاسم (وما أكثر الاستعارات) بناء على حركتها التي استعارتها (هي أيضًا) من جدتها الدائرة! هذه الفقرة ليست أكثر من «catch 22»، لغز منطقي لا حل له على ذمة أهل المنطق والرياضيات!
- بثينة الإبراهيم