عبدالله الغذامي
يشيع التعبير بأن الغرب عقلاني وأننا نحن عاطفيون أو غير عقلانيين،وترد هذه التوصيفات في كل موقف نتناول فيه قضية جدلية نرى فيها تعنتا مجتمعيا أو مؤسساتيا، وتكون القضية فعلا غير عقلانية، ولكن الإشكال الثقافي يقع حين طرح مقارنة تتصور عقلانية الغرب مقابل جهلانية الشرق، ولكن الحق أن الكل غير عقلاني ويكفي أن نتأمل في سياسات الغرب وتناقضاته في كل علاقاته، حيث يتكشف الفرق بين القانون بشرطه المنطقي والتطبيقات بحيلها المراوغة، وأوضح مثال هو القانون العالمي المقطوع بعالميتها وبأنه رأس هرم العلاقات البشرية بين البشر وأعلى درجات ضبط الحركات البشرية لمنع الحروب والتعديات، وهو قانون الأمم المتحدة، الذي يعطي خمس دول حق النقض لأي اتفاق، ومهما كان عدد المؤيدين للفكرة فإن مندوبا واحدا يرفع واحدا من أصابعه ليقطع الطريق على كل رغبات البشر، وبأصبع واحدة يتم مسح كيان الأمم المتحدة في منظر كوني على شاشات التلفزة، وهذا هو أكبر احتفالية غير عقلانية وهو إشهار للاعقلانية. وكذلك هو ترسيخ لها وتقنين للمسلك غير العقلاني مما يجعله نموذجا للتطبيق باستنساخ فردي وكوني، مع أن الأمم المتحدة هذه أسست عقب حربين كونيتين أفنتا البشر والأرض والفضاء، وتركتا إرثا من الجنون البشري مارسه الغرب ضد نفسه أولا ثم ضد غيره من الأمم، ومثله ما يجري اليوم من تلويث كوني للبيئة تقترفه أهم دول الغرب وأعلاها ديموقراطية وهي التي تمنع كل قرارات حماية البيئية لأن هذا يضر بمصالح أصحاب النفوذ من ذوي رؤوس الأموال التي يصدر التلوث من مصانعهم ولا يستطيع رئيس أمريكا أن يغضبهم، وينتهي الأمر بتعريض الكرة الأرضية للدمار في موقف غير عقلاني وغير إنساني، يضاف إليه ما يجري في شوارع أمريكا وأوروبا من انتهاك لحقوق السود والنساء والمحجبات وكل ذي بشرة غير شقراء، حتى لتصدر هذه المخالفات من رجال القانون وحراس المجتمع (البوليس) وعن ذلك حكايات يومية مرعبة تصل لحد القتل ويجري نشرها إعلاميا ثم تنتهي بتبرئة رجل البوليس، وكل هذا ونقول إن الغرب عقلاني والواقع أننا كلنا غير عقلاني، ومعركة البشرية مع العقلانية طويلة وعويصة.