عنوان الزيارة الملكية لمصر التي قام بها خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز هو الجسر بمعانيه المادية والرمزية، فهو جسر بين دولتين شقيقتين وما يحتاجه العرب اليوم هو بناء الجسور في زمن تتقطع فيه الأواصر وأوصال الأمم. الجسر جسارة وفيه انفتاح من المملكة على شقيقتها مصر رغم اختلاف النظامين السياسيين (نظام ملكي في المملكة، وجمهوري في مصر)، وهذا الانفتاح يحتاج إلى جسارة الملك سلمان ذلك الرجل الذي عرف العالم عنه الجرأة والحزم فليس غريباً عليه أن يقوم بهذه الخطوة الإستراتيجية التي تؤكد متانة العلاقة التاريخية بين البلدين.
الشعب المصري ورجل الشارع العادي عبّر عن فرحته بهذه الزيارة الممتدة لخادم الحرمين في بلده الثاني مصر، وقد انعكس نبض الشارع متمثّلاً في احتفاء نواب الشعب في البرلمان بالملك سلمان.
لا شك أن هناك من يتربصون بهذه العلاقة من فلول الإخوان وبقايا تيارات الانغلاق من الناصريين واليساريين والجماعات التي تتعيش على الفوضى وينغص حياتها الاستقرار، وقد اتخذت هذه الجماعات من قضية الجزر السعودية حديثاً تحاول أن تهيّج به الرأي العام.
قضية الجزر لم تصبح ضمن ملف العلاقات المصرية - السعودية بعد التوصل إلى حل قانوني مُرضٍ لجميع الأطراف، ولكنها أصبحت معركة مصرية داخلية بين أدعياء الفوضي ودعاة الاستقرار. ولا يجب أن تكترث المملكة أو تهتم بأصوات المتطرفين عندنا، لأنها معارك تصفية حسابات تلك التي تسود في مصر منذ 25 يناير 2011.
الإعلام عندنا منفلت ولم ينضبط حاله بعد، ولكن كما تأتي الأزمات بالمجانين أيضاً تظهر الأصوات العاقلة وهناك أصوات كثيرة عاقلة في مصر تقدر قيمة الشراكة الإستراتيجية بين مصر والمملكة. ولا أكون مبالغاً لو قلت إنه لا توجد عائلة في مصر ليس لها قريب يعمل في المملكة. المملكة أيضاً موجودة وجدانياً داخل المجتمع المصري فهي حاضنة وحامية الحرمين الشريفين أقدس مقدسات المسلمين.
العقلاء في مصر يعرفون قيمة المملكة المُضافة لمصر اقتصادياً وسياسياً وروحياً، فمصر لا تستغني عن المملكة والمملكة لا تستغني عن مصر، فهما جناحا الأمة التي تطير بهما.
زيارة خادم الحرمين علامة فارقة في تاريخ العلاقات المصرية - السعودية حيث تُبنى الجسور وأواصر المحبة بين دولتين شقيقتين. تُبنى الجسور بجسارة ملك الحزم، رجل لا يقل عن سابقيه من ملوك المملكة العربية السعودية، رجل يُمثّل أنبل ما في العرب من قيم الشهامة والفروسية.
نحن في مصر ممتنون لهذه الزيارة وننتظر نتائجها التي ستعود على البلدين بكل الخير. تاريخياً لم تَر مصر من المملكة إلا الخير وزيارة الجسر والجسارة هي زيارة خير يعم على البلدين.
جمال فندي - رئيس تحرير مصر11