القاهرة - حوار - سجى عارف:
أكد رئيس جمعية رجال الأعمال في مصر رئيس شركة الأهلي للتنمية العقارية المهندس حسين صبور أهمية زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر لتعزيز العلاقات بين البلدين الشقيقين في المجالات السياسية والاقتصادية والاستثمارية والمجالات كافة.
وقال المهندس صبور في حديث لـ(الجزيرة) بعد توقيعه لاتفاقية إنشاء وحدات سكنية في المملكة، إن العلاقات السعودية - المصرية متينة مشددا على أن للبلدين الشقيقين دور محوري في المنطقة.
وفيما يلي نص الحديث:
* حدثني عن زيارة خادم الحرمين لمصر والاتفاقيات الموقعة خلال الزيارة؟
- من المؤكد أن العلاقة بين المملكة ومصر علاقة عريقة ومتينة بدأت تزدهر منذ أيام الملك عبد العزيز - رحمه الله - إذ كانت علاقته بالملوك علاقة رائعة في تلك الفترة، وقد استمرت على هذا النحو وظهرت عظمة تلك العلاقة في حرب 1973 م في تصرفات الملك فيصل -رحمه الله- عندما قطع البترول عن الغرب مما دفع بسعر البترول إلى أن قفزه فجأة من 4 دولارات للبرميل إلى 40 دولاراً، ومنذ هذا الوقت بدأ الرخاء يعم على المنطقة العربية بأسرها وخاصة الدول التي لديها إنتاج بترولي كبير، إذن العلاقة قوية منذ القدم وكلها إيجابيات.. وظروف العالم العربي اليوم سيئة للغاية لم يحدث أن وصل إلى هذه الظروف من قبل، حيث ليبيا انهارت، سوريا انهارت، العراق انهارت، واليمن كان على وشك الانهيار لولا الله ثم موقف المملكة وتحالف دول إعادة الشرعية.. فبقي من الوطن العربي اليوم دول الخليج العربي ومصر ودول أخرى قليلة.
وقد كان هناك مخطط لانهيار مصر لكنها لم تنهار لجرأة رئيسها الحالي عبد الفتاح السيسي الذي رفض المخطط وخرج الشعب ضد الحكومة التي كانت تسعى وتؤيد انهيار مصر.. إذن أي ضعف يصيب دول الخليج العربي هو جرح عميق في منطقة عربية الباقي منها قليل.. وأي جرح يصيب مصر أيضاً له التأثير نفسه والمصريون يشعرون بذلك جداً.. وكذلك أهل الخليج يشعرون بذلك.. فالمملكة زارت مصر بوفد يرأسه خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز -حفظه الله- ومعه ولي ولي العهد وعدد كبير من الوزراء ورجال الأعمال لتعزيز العلاقات الثنائية بين البلدين الشقيقين، وخلف مرحلة جديدة من التعاون تجسدت بإبرام عدد من الاتفاقيات ومذكرات التفاهم في مختلف المجالات ومنها الاستثمار.
وجميع الاقتصاديين في البلدين سعداء بما اتخذ من قرارات في زيارة خادم الحرمين، فالاتفاقيات التي تمت كبيرة خاصة أفضل مشروع الآن هو المشروع الذي سيقام في إقليم قناة السويس، فأي مشروع سوف يقام به هو رابح بإذن الله، والسعوديون قاموا بتأسيس عدد من الشركات مع شركاء مصريين لتنمية منطقة هذا الإقليم، إضافة إلى مشروعات أخرى مثل تعمير سيناء ومشروعات زراعية وغيرها.. كما أن هناك أمر يجب التنويه عليه وهو كون الملك سلمان والوفد المرافق له مكث في مصر كل هذه المدة التي ليس معتاداً أن يبقاها الملوك والزعماء خارج بلادهم، فهذا يدل على أنه يشعر أن مصر هي بلده، فدائماً الزيارات الملكية تستغرق يوماً أو يعود في اليوم ذاته، لكن مكوثه خمسة أيام متتالية وكل يوم له فيها نشاط جديد، ولا ننسى لقاءه في الأزهر الشريف للاتفاق على نشر الدين المعتدل وليس الدين الذي يخرج لنا أمثال داعش.
* ما الأبعاد الاقتصادية والسياسية والنتائج المتوقعة من زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمصر؟
- تتمثل الأبعاد الاقتصادية في زيادة المشروعات الاستثمارية التي ستتسبب في النقص في البطالة وزيادة تشغيل الأيادي العاملة سيترتب عليها زيادة الضرائب الحكومية (المصرية) ثم فتح مجالات عديدة للإنتاج الذي سيغطي بعض النقص الموجود في السوق المصري، وقد يصل إلى التصدير، فالنواحي الاقتصادية هي نواحي مستمرة وطويلة الأمد، أما النواحي السياسية فتؤكد زيادة الارتباط الموضوعي بين المملكة ومصر، فالسعودية هي أكبر مستثمر عربي في المنطقة وبهذا الحجم الكبير الذي جاء مع الملك سلمان سيزداد حجم استثماراتها ويبدأ من سيناء، حيث تأخرت مصر لتعميرها كثيراً وبهذا سنبدأ التعمير باستثمارات سعودية وسيكون هناك استثمارات في منطقة محور قناة السويس.. وفي اعتقادي أن جميع الاستثمارات في هذا المحور ممتازة ومطلوبة لأي مستثمر في الوقت الذي تأخرنا كمصريين في الاهتمام والعناية به عشرات السنين دون داع، وذلك لتقصير من مصر لكن الآن تنبهنا له وكل المشروعات المقامة على جانبيه هي مشروعات ناجحة إذا ما أحسنا إدارتها، لذلك أرى أن الأبعاد الاقتصادية جيدة جداً جداً للجانبين.
* ماذا عن جسر الملك سلمان الذي سيربط قارتين وقوتين عربيتين؟
- هذا الجسر كان مقترحاً منذ فترة ووصل إلى جدية في الإنشاء، وأذكر أنه قد تم الاتصال بي من قبل شركة دانمركية هي الشركة التي أنشأت جسر الملك فهد بين السعودية والبحرين متأملة أن تنشأ هذا الجسر أيضاً لمعاونتها في إنشائه، ولكن فجأة توقف كل شيء دون أي سبب يذكر، لكن أعتقد أن هذا التوقف كان من الجانبين،
ومن المؤكد أن مشروع الجسر حيوي وله مميزات هامة للبلدين يكفي أنه سيربط المملكة بمصر بحيث يكفي وجود سيارة لنقلك إلى الطرف الآخر ونقل البضائع وزيادة الحركة التجارية بين البلدين والقارتين على حد سواء، إضافة إلى انتقال الأفراد ورخص انتقالهم من وإلى الدولتين، فمميزاته الاقتصادية والسياسية والدينية والاجتماعية والأخوية والحضارية والإنسانية كبيرة جداً.
* ما رأيك في القول إن التراجع في إنشاء الجسر يرجع إلى الخلاف بين الدولتين حول ترسيم الحدود البحرية خاصة فيما يخص ملكية الجزيرتين صنافير وتيران؟
- لأول مرة أسمع عن وجود خلاف بين المملكة ومصر.. ولا أعتقد أنه موجود أصلاً.. وفيما يخص هاتين الجزيرتين هما جزيرتان في البحر الأحمر قرب خليج العقبة.. وهما جزيرتان سعوديتان.
* ما تفاصيل الاتفاقية التي تم التوقيع عليها معكم لإنشاء مساكن في المملكة؟
- هذه الاتفاقية تم الحديث عنها منذ أكثر من 6 أشهر عندما حضر إلى مصر وزير الإسكان السعودي ومعه طاقم كبير من الفنيين والخبراء من الوزارة لمقابلة الكثير من الشركات المصرية.. وكان الغرض من الزيارة هو بحث عن قدرات إضافية مصرية لمعاونة نظيراتها السعودية في توفير المساكن للمواطن السعودي، وفي اعتقادي أن وزارة الإسكان السعودية رأت أن الشركات المؤهلة لإنشاء المساكن والعمل على المشروعات إما مصرية أو تركية لكن نتيجة رغبة الحكومة السعودية في إنهاء هذا المشروع على أفضل مستوياته أنها تسمح للشركات من الصين إلى أمريكا بالتقدم بعروضها لتنفيذ هذا المشروع، وعليه تناول حديثنا مع وزير الإسكان السعودي عن المشروع وتعرفوا على خبراتنا في مصر وقدراتنا وسابق أعمالنا وتناقشنا على الأسلوب الذي سيتبع في المملكة لإنشاء المشروع، وكل هذا كان معنا ومع غيرنا من الشركات الأخرى سواء في مصر أو تركيا وعليه توصل لاختيار أربع شركات مصرية ثم التقينا في المملكة منذ ثلاثة أشهر وقد وقعنا مسودات مبدئية تظهر الرغبة بين الطرفين للعمل في تلك المشروعات التي تشمل كافة مناطق المملكة من الشمال إلى الجنوب ومن الغرب إلى الشرق، وأثناء زيارة خادم الحرمين لمصر تم وقعت (عن الشركة) العقد ضمن أربع شركات أخرى وقعت كذلك على اتفاقيات مماثلة.
* هل وضعت المملكة أي قيود للمطورين العقاريين المصرين سواء في الأسعار أو المدة الزمنية للتنفيذ؟
- حكومة المملكة تقوم على تسهيل إجراءاتنا حيث ستسلمنا الأرض في المدن التي تحتاج إلى مساكن وستترك لنا حرية اختيار التصميم وحرية البيع والتسعير وستمنح المواطن الذي يحتاج إلى الدعم المال ليقرر إن كان سيشتري من تصاميمنا أو من أي مكان آخر يريد.. بالتالي كفاءتنا في إنتاج ما يحفز المواطن السعودي في امتلاك أي من وحداتنا السكنية شكلاً وموضوعاً وسعراً.. وهو مقياس نجاحها وبذلك سنقوم على تغطية النقص في السوق العقاري بالمملكة.
* هل ترى أن الحكومة المصرية جادة في جذب المستثمرين السعوديين بداخل الأسواق المصرية؟
- بالطبع هي جادة جداً لكن هناك بعض الأخطاء والذي ينتج عنها معوقات ونحن كمستثمرين ورجال أعمال تحدثنا بشكل كبير مع الحكومة المصرية عن تلك المعوقات وحددنا ما هي هذه المعوقات.. وهي بدورها كحكومة لديها كل القبول للنقد فهي تستمع إلى النقد لتصحيح الأخطاء، وأهم هذه الأخطاء هي البيروقراطية والتأخير في تنفيذ أي قرار بالتالي علينا جهد أكبر وأهم في إلغائها أو إنقاصها، أيضاً من المعوقات يجب على الدولة المصرية أن تحترم عقودها فبعد ثورة 25 يناير بدأ بعض الإعلاميين القول إن الدولة باعت أرضها للمستثمرين أينما كانت جنسياتهم بأسعار متدنية وأنها يجب أن تعود إلى الأسعار الحقيقية.. وهذا دعا الحكومة في بعض الأحيان إلى مخاطبة المستثمرين الأجانب بطلب تعديل سعره.. وهذا شيء مرفوض تماماً وقد أبلغنا الحكومات أن هذه جريمة لا تقبل لأنها تنفر أي مستثمر من الاستثمار في مصر.. ومن أهم المشكلات في مصر هي البطء في الانتهاء من الإجراءات الخاصة بالمستثمر أي الروتين البطيء.
* ما هي رؤيتكم المستقبلية للعمل الاقتصادي بين المملكة ومصر في ظل رعاية خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس المصري عبدالفتاح السيسي؟
- أولاً ستزدهر الحركة الاقتصادية والتجارية والاستثمارية بعد الانتهاء من إنشاء جسر الملك سلمان المتفق عليه بين البلدين، لكن نحن كمصريين وبصراحة ما زلنا نشعر أن الحصول على تأشيرة الدخول للسعودية مرهق جداً وزيادة التبادل الثقافي يزيد مع زيادة النظر لأسلوب إعطاء تأشيرة الدخول للمملكة، كما يعود ذلك بالنفع على البلدين إذا ما قررنا التقليل من استيرادنا، وفي حال اضطررنا للاستيراد يكون في الأشياء التي لا نقوم على تصنيعها من الأشياء المهمة والضرورية في كلا البلدين على أن يكون الاستيراد من الدول الصديقة فقط، فلا داعي لاستيراد خامة من بريطانيا مثلاً وهي تنتج في السعودية والعكس صحيح بالنسبة لمصر، وهذا يطبق على كل المواد والمنتجات الموجودة والمصنعة في كلا البلدين، أي ندعم استثمار وصناعة بعضنا بعضاً خاصة أن التبادل التجاري الذي هو أسهل من الاستثمار في الدول العربية أقل من 10 %، وهذا عيب كبير في نظري، و90 % من التجارة هي من دول غير عربية ويرجع ذلك إلى بعض منتجاتنا متقاربة فعلى سبيل المثال من الصعب أن تبيع السعودية البترول للكويت أو العكس كما أن التاجر الأوروبي أو الأمريكي أو الياباني أكثر حرفة في الترويج لتجارته لكن للصالح العام أنه يجب دعم اقتصاد بعضنا بعضاً.
كيف تخدم جمعية رجال الأعمال المستثمر السعودي؟
- جمعية رجال الأعمال عدد أعضائها يمثلون كل قطاعات العمل من صناعة إلى زراعة إلى سياحة إلى تشييد إلى بنوك أو بورصات كل مجالات العمل وأنواعه وهي تبحث عن مشكلات رجال الأعمال في مصر سواء كان مصرياً أو غير ذلك وعليه تخاطب الحكومة فيها تتحرى حلها وتتحاور مع الحكومة لإلغائها، كذلك تتعاون الجمعية مع مجالس الأعمال التابعة للدول مثل مجلس الأعمال المصري السعودي، وعبر هذه المجالس تطلع على ما يزعج المستثمر السعودي مثلاً في مصر من الجانب الاقتصادي كما يطلعون بدورهم عن ما يزعجنا في الجانب الاقتصادي والتجاري بداخل المملكة، وبالتالي نحن نحمي وندافع عن حقوقنا وحقوقكم ونتحدث مع حكومتنا بلسانكم، وقد تم حل العديد من المشكلات التي كانت عالقة فترة ما لنصل إلى علاقة خالية من المشكلات.
* الرسالة التي توجهها لأي مستثمر سعودي بداخل مصر؟
- أولاً اختر شريكك المناسب، ثانياً اختر المشروع المناسب، ثالثاً اختر المشروع الذي يتناسب مع خبرتك أنت، فإن كانت خبرتك في الزراعة فمشروعك من الأجدر أن يكون في الزراعة وليس الصناعة، رابعاً يجب أن يتحلى المستثمر بالصبر يجب أن تعلم أن قواعد اللعب في مصر تختلف عن قواعد ذات اللعبة في السعودية وما تقوم به في مصر هو طبق لقواعد وأصول اللعب بمصر، خامساً في أي مشكلة تتعرض لها اذهب مباشرة لإحدى منظمات الأعمال المصرية مثل جمعيات الأعمال ومجالس الأعمال في مصر لتدافع عنك وتحمي حقوقك وتطلعك على الحلول.
* ما تحليلك لأزمة الدولار في انهيار الاقتصاد في مصر؟
- لا أعتبر أن هناك انهياراً في الاقتصاد في مصر، ففي بداية حياتي كان الدولار بـ4 قروش والآن الدولار بـ10 جنيهات، وهذه ليست أول مرة يحدث تغير في سعر الدولار في مصر، فهو مرتبط بما نصدره من سلع وخدمات أي حسب القدرات الإنتاجية للدولة يحدث هذا الارتفاع والانخفاض في سعر الدولار، فالسياحة قتلت عمداً من الغرب كذلك نقص الواردات من الدولار من الخارج بسبب نقص العمالة في الخارج، وهذه ليست عيوباً من مصر، أما العيوب في مصر فإننا لا نصدر كفاية ولا ننتج بالشكل المطلوب ورغم ذلك نستورد كثيراً، وعلى الرغم من أن مصر هي الأغنى في مواردها وثرواتها إلا أنها الأقل اقتصادياً من الدول التي تقل عنها في ثرواتها فمصر كانت قبل 52 تكسب أكثر من أي دولة عربية أخرى ويرجع ذلك لسوء الإدارة.
* أخيراً بماذا تختم؟
- الحمد لله أن من على الدولتين السعودية ومصر بمثل هذه العلاقة الرائعة، فعلاقة الشعوب أهم من علاقة الحكام والرؤساء، وأشعر أن هذه العلاقة في أزهى صورها اليوم وأتمنى من الله أن يديمها علينا نعمة دائماً وأبداً.