د. أحمد الفراج
تعتبر تكاليف الانتخابات الرئاسية للولايات المتحدة هي الأغلى في العالم، وليس سرا أن المال هو المحرك الرئيس لأي حملة انتخابية، ومع أن هذه حقيقة واقعة، منذ زمن طويل، إلا أن التكاليف وصلت خلال الأعوام الماضية، مبالغ خرافية، تقدر بالمليارات، وتستخدم هذه الأموال للاستقطاب، ورواتب العاملين، ويذهب الجزء الأعظم منها للدعاية، والخاسر الأكبر من كل هذا هو المرشح المستقل، والذي لا يدعمه حزب كبير، وبالتالي فإنه نادرا ما يكون هناك مرشح مستقل، وإن وجد فإن فرصته بالفوز شبه معدومة، فالحراك السياسي للإمبراطورية الأمريكية تتحكم فيه لوبيات المصالح، والمال، والآلة الإعلامية الجبارة، فبإمكان الإعلام رفع راية أي مرشح، والنفخ فيه، أو الحط من قدر آخر، وتدمير مستقبله السياسي، ولا ينجو من ذلك إلا المرشح البليونير، والذي يدعم حملته الانتخابية بنفسه، كما حصل مع مرشح حزب الإصلاح، روس بيرو، فيما مضى، أو المرشح الجمهوري، دونالد ترمب، حاليا.
في سنوات الانتخابات الرئاسية، مثل هذا العام 2016م، تشتعل البرامج السياسية، والبرامج الكوميدية، ويستغل الكوميديان المحترفون هذه الأجواء لزيادة رصيدهم الشعبي، وقد كان الرئيس جورج بوش الابن هو الشخصية المفضلة للكوميديان، وذلك نتيجة أخطائه اللغوية، وتصرفاته العفوية الحمقاء، وكان خروجه من المشهد السياسي خسارة فادحة لصناعة الكوميديا، وهناك الدعايات السلبية، المتبادلة بين المتنافسين، وهي دعايات قد تكون في منتهى القسوة، وتدخل في التفاصيل الشخصية، ولكنها لا تنتهي بالمضاربة بين المتنافسين، كما يحصل بين الساسة في المشرق، وتدور حاليا حرب شرسة بين مرشحي الحزب الجمهوري، دونالد ترمب، وتيد كروز، إذ من الواضح أن هناك تنافرا شديدا بينهما، وقد أشعلها ترمب، حينما غرد في حسابه على تويتر، وفاخر بجمال زوجته، عارضة الأزياء السلوفاكية، وسخر من مظهر زوجة منافسه، تيد كروز، وهو الأمر الذي أثار غضبا عارما، وجدلا واسعا، لا يزال قائما حتى كتابة هذا المقال.
لم تجر العادة، في الانتخابات التمهيدية، أن يشتد الخصام، في هذه المرحلة المبكرة، ولكن انتخابات هذه السنة غير عادية، وذلك بوجود المرشح المثير للجدل، دونالد ترمب، واتساع رقعة شعبيته، واكتساحه في معظم الولايات، وكذلك وجود منافسه الرئيس، تيد كروز، المثير للجدل أيضا، وبالتالي فإن وجود شخصيتين متنافستين، ومثيرتين للجدل، ستكون نتيجته الحتمية مثل هذه الدعايات السلبية المتبادلة، والقاسية، ويتوقع المراقبون أن تشتد حملة الإعلانات السلبية، مع دخول الانتخابات التمهيدية مراحلها الهامة، خلال الفترة القادمة، ويصعب التنبؤ بمقدار الأثر السلبي، الذي ستتركه مثل هذه السلوكيات على الحراك السياسي الأمريكي، والذي يتابعه العالم أجمع، فلنتابع حرب المتنافسين الشرسة بهدوء.