د. أحمد الفراج
خلال الانتخابات التمهيدية للحزبين الرئيسيين، الجمهوري والديمقراطي، تسمعون كثيراً عن المندوبين، والمندوبون هم من يحدد المرشح الرئاسي، في مؤتمر الحزب، ومع أن العادة جرت أن يتوافق تصويت المندوبين مع التصويت الشعبي، إلا أن بإمكان المندوبين أن يصوتوا لمن يريدون، بغض النظر عن النتيجة الشعبية، وهذا هو ما قد يحصل في مؤتمر الحزب الجمهوري، أي أن يصوت المندوبون لمرشح آخر، غير دونالد ترمب، والذي من المرجح أن يفوز بالانتخاب الشعبي، وهذا جزء من الديمقراطية الأمريكية، والتي لا تشابهها ديمقراطية أخرى في العالم الغربي، والأمر لا يقتصر على ذلك، فإضافة للمندوبين، هناك ما يسمى بـ»المندوبين الكبار»، فمن هم هؤلاء؟!.
«المندوبون» هم شريحة من أنصار الحزب من عامة الناس، أما «المندوبون الكبار»، فهم الشخصيات الحزبية الكبيرة، وهذا يعني أنه حتى في أمريكا، هناك عامة الناس، وهناك الخاصة، ويختلف الأمر اختلافاً جذرياً بهذا الخصوص بين الحزبين، الجمهوري والديمقراطي، ففي الحزب الجمهوري، يمثل كل ولاية أمريكية ثلاثة مندوبين كبار فقط، ويجبر القانون هؤلاء على التصويت لمن ينتخبه سكان الولاية، ولذا فليس هناك مشكلة كبيرة هنا، ولكن الأمر مختلف في الحزب الديمقراطي.. فالمندوبون الكبار هم جميع أعضاء مجلس الشيوخ، ومجلس النواب، وحكام الولايات الديمقراطيين،، إضافة إلى مسؤولين كبار في الحزب، ويمثل هؤلاء حوالي عشرين في المائة من مجموع عدد المندوبين، ولدى هؤلاء المندوبون الكبار كامل الحرية في أن يصوتوا لمن يريدون من المرشحين، بغض النظر عن نتائج الانتخابات الشعبية، وبغض النظر عن تصويت «المندوبين الصغار»، وهذا يعني، ببساطة، أن بإمكان المندوبين الكبار قلب نتيجة التصويت الشعبي رأساً على عقب.
لنفترض جدلاً أن التصويت الشعبي، وتصويت المندوبين الصغار، في الحزب الديمقراطي جاء لصالح المرشح بيرني ساندرز بفارق ستمائة صوت عن هيلاري كلينتون.. هنا بإمكان المندوبين الكبار، والذين يتجاوز عددهم سبعمائة صوت، التصويت لصالح هيلاري كلينتون في مؤتمر الحزب، وبالتالي إلغاء نتيجة التصويت الشعبي، وتصويت المندوبين الصغار، وترشيح هيلاري كلينتون، وبالتأكيد فهناك اعتراضات شعبية على هذا النظام، والذي يعتبر جائراً، ولكنه لا يزال مطبقاً، ولا يوجد أي نية لدى الحزب الديمقراطي لتغييره، ومع أن لدى الحزب الديمقراطي مبررات كبيرة لإقرار نظام المندوبين الكبار، إلا أن بعض المعلقين يؤكد على أن هدف هذا النظام «اللاديمقراطي» هو تحكم الحزب بماهية المرشح، أي أن تكون لدى الحزب الأدوات اللازمة لإبعاد أي مرشح غير مرغوب فيه، وهذه قراءة منطقية،، فربما كان لزاماً أن يتم استبعاد مرشح معين، يشكل خطراً على الحراك الديمقراطي الأمريكي، والمؤكد هو أن الحزب الجمهوري يتمنى، هذه الأيام، لو أن لديه ذات نظام الحزب الديمقراطي، لأن هذا سيتيح له التخلص من المرشح المثير للجدل، دونالد ترمب، ومن يدري، فربما يغير الجمهوريون قوانين الحزب مستقبلاً، ليتسنى لهم التخلص من المرشح غير المرغوب.. وختاماً علينا أن نتذكر دوما أن الديمقراطية هي أفضل أشكال النظم الديكتاتورية!.