جاسر عبدالعزيز الجاسر
وسط حفاوة كبيرة لم تشهدها مصر منذ وقت طويل استقبل خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز في أرض المطار الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي ومعه جميع أركان القيادة المصرية من رئيس مجلس النواب ورئيس مجلس الوزراء ومساعد رئيس الجمهورية السيد المهندس إبراهيم محلب والعديد من الرموز المدنية والفكرية والدينية، وقد شهد مطار القاهرة ومنذ عهد طويل تواجد كل هذا الزخم الحاشد من القامات المصرية السياسية والدينية والفكرية والإعلامية والشعبية، وقد ترجمت حرارة الاستقبال والحفاوة عمق العلاقة الحميمية بين المصريين والسعوديين، وقد عكست وسائل الإعلام المصرية هذه الحميمية وعمق العلاقة المميزة بين البلدين، فبالإضافة إلى المحطات الفضائية المصرية الرسمية والخاصة التي خصصت برامج ولقاءات مطولة تناولت تاريخ وجذور العلاقة بين البلدين، وذكرت أن هذه العلاقات تمتد قرابة قرن من الزمن عندما وقع الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن والملك فؤاد الأول عام 1926م اتفاقاً سياسياً بين مصر ومملكة الحجاز ونجد، وأعقب ذلك العديد من اللقاءات التي تمت على الأراضي السعودية ثم توجت بزيارة مهمة وهامة لملك عبدالعزيز إلى مصر حيث التقى الملك فاروق، وعلاقة البلدين المميزة أثمرت أولى النتائج الإيجابية للأمة العربية عندما اتفقت الدولتان والدول العربية المستقلة في ذلك الوقت العراق وسوريا واليمن ولبنان وأسسوا جامعة الدول العربية، وبعدها توالت الاتفاقيات والتفاهمات وأبرم البلدان اتفاقاً عسكرياً مشتركاً.
هذا السرد التاريخي واستعادة المواقف للبلدين غطته وسائل الإعلام المصرية، ولاحظ المتابعون أن الصحف المصرية أصدرت ملاحق وتغطيات مميزة، لم يسبق أن تم ذلك لزيارات قادة دول أخرى، ومن هذه الإصدارات ما قامت به مجلة الهلال، مجلة المصور اللتان نشرتا إصدارا خاصا رصد العلاقة التاريخية بين البلدين على مدى قرن من الزمن إلا قليل، حيث جاء عنوان الإصدار (90عاماً من العلاقات بين مصر والسعودية) وعلى صعيد التفاعل الشعبي فقد تفاعل المواطنون المصريون مع هذه الزيارة، إذ لا يخفى المصريون ترحيبهم الكبير بخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز والوفد السعودي الكبير، وتمنوا أن تتم هذه الزيارة قبل ذلك، ومن يشاهد شوارع القاهرة منذ اليوم الأول للزيارة يرى أن هناك ابتهاجا كبيرا في الشارع المصري، إذ رصد المواطنون المصريون أن زيارة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز تختلف عن كل الزيارات التي تشهدها القاهرة، فالزيارة تتميز بأنها تستغرق خمسة أيام، وأن جدول أعمال لقاءات الملك سلمان بن عبدالعزيز والرئيس عبدالفتاح السيسي جدول مفتوح سيتم من خلاله مناقشة كل ما يفكر بطرحه أحد القائدين وإن تصدرت ملفات مواجهة الإرهاب واليمن والوضع في سوريا والتصدي للتغلغل الإيراني في المنطقة العربية ومواجهة تهميش الصوت العربي والمصالح العربية لصالح قوى إقليمية طامعة.
المصريون جميعا من مسؤولين كبار والرموز السياسية والدينية والفكرية والإعلامية والشارع المصري وهم يبتهجون بمقدم خادم الحرمين الشريفين يعتزون كثيراً بالشراكة الاستراتيجية التي ترسي وتؤسسس لقوة عربية تواجه كل محاولات التهميش وتغييب القوة العربية.