الصايغ أنقذ أماً وطفلها أُصيبا في حادث وفارق بعدها الحياة ">
السليل - مبارك الفاضل - فارس ال عيد - خلود الدوسري /تصوير - مسفر ال جبر:
زارت أسرة «الجزيرة» عائلة الصائغ بمحافظة السليل وقدمت لهم واجب العزاء في فقيدهم العريف ناصر بن محمد الصايغ من منسوبي الدفاع المدني والذي وافاه الأجل المحتوم وهو يؤدي عمله بكل تفان وإخلاص في إنقاذ أرواح مواطنين من حادث أليم، وقد عبر والد الفقيد عن حزنه العميق لفراق ابنه، وقال :إن القلب ليحزن وإن العين لتدمع وإنا على فراقك يا ناصر لمحزونون، حامدا المولى على ما كتب وقدره .
وروى قصة وفاة ابنه قائلا: (ناصر) هو الابن الأكبر ومتزوج من زوجتين ولديه من الأولاد (نورة وتبلغ من العمر سبع سنوات – ومحمد ولديه من العمر ست سنوات – والبنت الصغرى ريم ولديها أربع سنوات) ويعمل في الدفاع المدني بمحافظة السليل، وكان يوم الجمعة الماضية مرابطا مع زملائه بالمركز نظراً لما تشهد المحافظة من تقلبات في الأجواء؛ حيث كان ذلك اليوم يوما ممطرا بغزارة وأجواء باردة لا تخلو من الرياح، الأمر الذي استدعى أن يكونوا في تواجد واستعداد هو وزملاؤه لمواجهة أي طارئ قد يطرأ نتيجة الحالة الجوية ..
وقد تلقت غرفة العمليات في ذلك بعد عصر ذلك اليوم وقبيل المغرب بلاغا بوقوع حادث شرق المحافظة بالقرب من مركز الشيدية لمركبة صغيرة بداخلها أسرة ارتطمت بمركبة كبيرة، وكان ناصر ضمن الفرق المباشرة للحادث الذي وصف بالأليم حيث أن قوة الحادث تسببت في احتجاز من بداخل المركبة منهم رجل وطفل لقيا مصرعهما على الفور، وظلت المرأة وطفل صغير محتجزين حيث بذل رجال الدفاع المدني ما بوسعهم لأجل استخراجهما من المركبة، وكان (ناصر) هو من تولى في النهاية أمر فك الحديد وتقطيعه وبشهادة زملائه وشهود العيان كان يبذل قصارى جهده ومضاعفة ذلك حتى يسر الله بعد ما يقارب الثلاث ساعات إلى استخراج المرأة ومن بعدها الطفل، وقد روى لي زملاؤه أن ناصر أخذ الطفل وكانت علامـات الفرح والسرور تظهر عليه وكان يقول لهم كأني في هذا اليوم رزقت بمولود جديد بإنقاذي هذا الطفل وأمه.
وبعد عودته وزملائه لموقع العمل بعد صلاة العشاء وجد ناصر أن إحدى قدميه تعرضت لجرح ينزف دما مما استدعى لأخذ الإذن من مرجعة ومراجعة طوارئ مستشفى السليل حيث تلقى العلاج ومن ثم قام بالتوجه لنا بالبيت لاستبدال ملابسه بعد أن وجد آثارا للدماء بها، بعدها وقبل مغادرته إلى مقر العمل لمساندة زملائه قام بالمكوث مع والدته وأخواته وروى لهم ما قام به من استخراج المرأة والطفل وذكر لهم ما ذكره لزملائه بأنه كمن رزق مولودا بعدها قام بالسلام على والدته وأخواته وكأنه يرسم لهم لحظة المشاهدة الأخيرة . وما إن وصل لمقر العمل ومكث قليلا إلا ظهرت عليه علامات التعب الشديد وأشعر زملاءه بما يجده ويحس به مما استدعى على الفور نقله من قبلهم إلى مستشفى السليل العام وهناك تم إجراء له عملية إنعاش قلبي من قبل الأطباء المباشرين لحالته وظلوا لأكثر من نصف الساعة بعدها أعلن وفاته ومفارقته للحياة، ومما يضمد الجراح ويجبر المصاب أنه غادر حياته واختتمها بعمل بطولي شجاع .من جانبه، قالت والدة المتوفى ام ناصر وهي صابره محتسبه في حديثها لـ «لجزيرة» ما لدي الا الدعاء له الله يجعله في الفردوس الاعلى من الجنة ويرضى عليه كان بارا بنا - رحمه الله -.
كان بارا بوالديه
وحمدت شقيقة الفقيد الاستاذه فضة الصايغ على قضاء الله وقدره ، وقالت كان - رحمه الله - محبا للخير بارا بوالديه رحل عنا وهم راضون عنه، واخر لحظة في حياته دخل على اهله ليخبرهم بما حدث وانه فرح بإنقاذه لهذا الطفل ووالدته، وكان يقول كاني رزقت بطفل هذا العام وغادر الحياة وهو في عجلة من أمره، وكان واضحا عليه التعب والارهاق وبعدها بساعات قليلة ياتي الخبر أنه توفي رحمه الله لديه ثلاثة أطفال.
هذه قصة إنقاذه الأسرة
- العقيد مبارك بن عبد الله الدوسري مدير ادارة الدفاع المدني بمحافظة السليل قال : للجزيرة تبلغت الفرقة بوقوع حادث مروري على مركز الشيدية بين مركبة من نوع «فور شنر « والتحامها في شاحنة كبيرة واحتجاز أشخاص بداخلها تم توجيه الفرق للموقع وبينهم العريف ناصر الصايغ وتخصصه إنقاذ .
بعد وصولهم للحادث وهم بقرابة الساعة الخامسة عصراً والأجواء ممطرة قام -المرحوم إن شاء الله - بقص بعض أجزاء الحديد وتبين بأن السائق وأحد الأطفال متوفين ويوجد امرأة وطفل محتجزين في آخر المركبة ولازا لوا على قيد الحياة وتوغل «ناصر» وقام بقص الحديد من الداخل وأخرج المرأة وطفلها وبعد وصول الفرقة للمركز وهم بقرابة الساعة العاشرة مساء كان «العريف ناصر» يقول لزملائه وهم في طريق العودة شعوري لا يوصف بعد إنقاذ المرأة والطفل وكأني رزقت بمولود جديد. ولاحظ زملائه ظهور التعب والإعياء عليه ومصاب في قدمه بجرح وقاموا بنقله للمستشفى وضمد الأطباء الجرح وقدموا له بعض العلاجات اللازمة وذهبوا به لمنزله وبعد قرابة نصف ساعة عاد للعمل وشعر بعدها بالتعب وأثناء ذلك تعرض لحالة إغماء ونقل للمستشفى وتوفي هناك رحمه الله ،وزملائه يعتبرونه -رحمه الله - من خيرة العاملين بالمركز، ويعتبر رجل إنقاذ من الدرجة الأولى وله مواقف عدة وختمها بهذا الموقف الذي وصفه الجميع بالنبيل والبطولي .
من خيرة العاملين معنا
- من جانب آخر : تحدث للجزيرة المقدم محمد بن مزحم الدوسري قائلا نعم الرجل ( ناصر) أخلاقا وأداء وتميزا في العمل فطيلة عمله ومزاملته لنا بمركز الدفاع المدني بمحافظة السليل لم نلمس منه غير الأخلاق الفاضلة وحرصه على أن يؤدي عمله على الوجه المطلوب يأتي للعمل في وقته وينصرف بعد أن تنتهي فترة زمن عمله وبفقده ورحيله فقدنا رجل أمن يشار إليه بالبنان.
المستشفى قدم له الإسعافات الأوليه وعاد للعمل
ومن جانبه، قال مدير مستشفى السليل العام الأخصائي ماجد الحابي :ان العريف الصايغ أُحضر إلى قسم الإسعاف والطوارئ بالمستشفى يوم الجمعة الساعة الماضية في تمام الساعة 7.50 مساءاً وكان لديه إصابة بسيطة بالقدم وتم عمل اللازم له وإعطاؤه العلاجات اللازمة، ومن ثم غادر المستشفى, وأشار الحابي انه وفي تمام الساعة 9.15 من مساء اليوم نفسه أحضر العريف الصايغ من قبل زملائه وكان متوقف القلب وعلى الفور تم عمل إنعاش قلبي رئوي حوالي 55 دقيقة ليتم بعدها إعلان الوفاة رسميا (رحمه الله). وختم الحابي حديثه بالدعاء بالمغفرة للعريف الصايغ وجميع شهداء الوطن .
شاهد عيان: كانت الأمطار تهطل وشاهد الفقيد يبذل جهده
- المواطن مهدي بن عبدالله آل محمد – شاهد عيان – ذكر أنه كان متواجدا في موقع الحادث بعد وقوعه، وأنه حاول والمتواجدون قبل حضور الدفاع المدني إنقاذ المرأة والطفل الذي حال التفاف الحديد بعضه حول بعض من تحقيق ما كانوا يسعون إليه إضافة إلى أن برودة الأجواء والأمطار التي كانت تهطل بغزارة كانت أيضا عائقا.
وبعد وصول رجال الدفاع المدني ومباشرتهم للحادث بذلوا جهدا في عملية تفكيك الحديد ومحاولة إحداث مخرج لاستخراج المرأة والطفل اللذين لا يزالان على قيد الحياة والذي يشد الانتباه هو أن كان يبذل مجهودا كبيرا ويحاول تدارك الوقت لإنقاذ حياة الأم وطفلها مقاوما عوائق الأجواء والمركبة التي التف بعضها حول بعض، ومع هذا سجل مشهد بطوليا وعملا إنسانيا رائعا باستخراج الأم وطفلها لترتسم وتظهر عليه علامات الفرح والسعادة، وقد فجعنا نبأ وفاته بعد ساعات قليلة من عودته من الحادث ليودع ثلاجة الموتى مع قائد المركبة وطفل آخر اللذين توفيا فور وقوع الحادث وصلي عليهم جميعا في اليوم التالي.
مناشدة عبر الجزيرة
هذا، وناشدت أسرة الصايغ ولي العهد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الداخلية صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن نايف آل سعود – حفظه الله – بأن يتكرم سموه ويتفضل بمعاملة الفقيد معاملة شهداء الواجب؛ حيث إنه وافاه الأجل وهو على رأس العمل ومباشر لحادث وقام بعمل بطولي والفقيد له زوجتان وأطفال صغار، وسكن لم يكتمل الإنشاء.. مؤملين من سموه الكريم أن يلبي طلبهم كما عودهم حفظه الله .