د. محمد بن عويض الفايدي
تمتلك القيادة السعودية رصيدًا ضخمًا من الخبرة والدراية والتجربة والحكمة وإستراتيجية القيادة المتوازنة عند استقرار الأوضاع وفي الأزمات والكوارث، وتنتهج سياسة واضحة المعالم لحمل القوة الخشنة، والقوة الناعمة على التحرك باتجاه التهديدات وعلى مسار الأحداث وإيقاع التحديات والمخاطر وهي تنطلق من قاعدة راسخة في مقومات الحكم الرشيد وأدواته الفعالة المعتمدة على الخبرة الثرية في الحرب والدبلوماسية والسياسة والإدارة والاقتصاد والسياسات الاجتماعية والعلاقات الدولية التي تتخللها استراتيجية متزنة على مستوى المجتمع المحلي وإيقاع تحضره، وفي المحافل الإقليمية والدولية وصراع الإيرادات بينها، وبدور فعال في مجال السلم والأمن الدولي بالتصدي للتطرف والإرهاب والجريمة والتنظيمات التخريبية بالعمل الداخلي الجاد والتعاون الإقليمي والدولي البناء، والعمل مع المنظمات والهيئات الدولية وفي إطاراها للوقاية من التهديدات والكوارث والتحديات والمخاطر التي تهدد المجتمع الإنساني وكيان الدول وتماسك المجتمعات.
مقومات الأمن الوطني السعودي تتنوع من قوة دينية خالدة إلى قوة اقتصادية ضخمة إلى قوة عسكرية ضاربة. إضافة إلى قوة التلاحم المجتمعي والولاء والانتماء وقوة الاستقرار السياسي في حزمة من مقومات من الاستقرار الكلي الذي تتميز به المملكة العربية السعودية كنموذج فريد للدولة المعاصرة التي تمتلك هذه المقومات التراكمية على واجهة الحضارة الإنسانية.
يوازي هذه الجملة من المرتكزات الراسخة التي تُرسخ أركان الدولة وتُقيم هيبتها فالمملكة تمتلك قيمة مضافة أخرى تزيد عن جملة هذه المقومات مجتمعة، فهي تمتلك أيضًا مخزون أكثر ضخامة من القوة الناعمة التي تمتلكها المملكة وحدها من بين الدول وتتميز وتتفرد بها فهذه القوة الناعمة عناصرها أكثر تأثيرًا على خارطة مقومات التميز التي تُمكنها من التأثير المباشر على قاعدة عريضة من الناس في شتى بقاع الأرض، وفي مختلف دول العالم المتقدم منها والنامي في أسرع وقت وبأقل تكلفة.
تتملأ قوى الباطل ومحور الشر على نسف الحق ودحر الفضيلة وكتمان الحقيقة، ونشر الإرهاب والإجرام والرذيلة، وتلبيس المواقف باستمرار حول دور المملكة العربية السعودية في قيادة العالم العربي والاسلامي وأهليتها لإدارة الحرمين الشريفين، وإطلاق أصولية الاسلام على أدوارها في بعض المناطق من العالم، وفي خضم تصدي القيادة والإرادة السعودية لتلك الهجمات الشرسة والحملات المأجورة يتعرض رمز قيادتها وراعي مسيرتها لاتهامات باطلة وأكاذيب منشورة بأقلام مشتراه وصحف وقنوات وإذاعات مأجورة تكيل الحقد وتبث السم وتُروج للفرقة بإشاعة تعرضه لعارض صحي يحد من قيامه بمهامه على الوجه المطلوب. وماهي إلا مزاعم حقد وكيد باطل تولى كبرها نفوس اشتطت غيض من مواجهة القيادة السعودية الدور الإيراني الذي دمر العراق وسوريا ولبنان ومارس على شعوبها أشد أنواع القتل والتنكيل والتعذيب وهتك الأعراض والإذلال ومسخ الهوية العربية وبث الطائفية المقيتة، ومد ذلك المشروع التوسعي الإيراني إلى اليمن والانقلاب على حكومته الشرعية بدعم عصابة الحوثي وزمرة المخلوع، وتهديد المملكة ودول مجلس التعاون الخليجي وتحريك خلايا الإرهاب الظالم فيها بتفجير المساجد واستهداف رجال الأمن وقتل الأمنين بأبشع الصور وأشد أنواع الغدر والتنكيل.
استراتيجية الملك سلمان بن عبدالعزيز وهو يقود ختام تمرينات رعد الشمال بنفسه بقيادة متزنة وفهم متكامل لكافة التهديدات والتحديات والمخاطر وبحضور عدد كبير من زعماء الدول العربية والإسلامية، فهو يؤكد أن قيادته ومهارة إدراكه واستشرافه قد استوعبت كل هذه التهديدات والتحديات والمخاطر من قبل، وقادت سلوك القرار السعودي بديناميكية احترافية ضمن استراتيجية القرار الوطني المحض الذي يتحرر من كل الضغوط الداخلية والخارجية بعناية فائقة ومهارة مدروسة تمتلك أرث تاريخي بسياسة حكم رشيد وخطة قيادية راسخة تؤصل لموروث منهج وسلوك تراكمي يدعم مسيرة الملك عبدالله بن عبدالعزيز ومن سبقه من الملوك «رحمهم الله جميعاً» بتعزيز برامج ومشروعات التنمية الوطنية الشاملة، وإعادة ترتيب المنظومة الإدارية للكيان الإداري السعودي طبقًا لتحضر المجتمع السعودي ومراحل نموه وقضاياه الحرجة وتُلبي تطلعاته انطلاقًا من المبادئ والقيم الاسلامية النبيلة، وتتمثل أحد ملامح تلك الاستجابة جملة الاصلاحات الهيكلية في البناء المؤسسي لكيانات الإدارة والسياسة بإلغاء ودمج وتطوير وتعزيز واستحداث كيانات إدارية وسياسية جديدة في عقد فريد وأنموذج رائع للهيكلة السياسية والعسكرية والأمنية والاقتصادية والتنموية بإلغاء الكثير من المجالس والهيئات واللجان وضمها في مجلسين فقط، لضمان قصر خط السلطة وحصر المسؤولية ومنع ترشيح البيانات والمعلومات وترشيد الموارد وتقنين الإجراءات وضبط القيادة لرفع الكفاءة الانتاجية وتحسين جودة المخرجات من السلع والخدمات.
تُدرك القيادة السعودية اهمية تطوير القرار السعودي وضرورة رفع كفاءة مؤسسات العمل السياسي والأمني والتنموي بما يتناسب مع حساسية المرحلة وتوجهات العهد الجديد الذي عليه الاستجابة السريعة والمرنة للنقلة النوعية والشمولية في التشكيلات القيادية التي تُعد لمرحلة حرجة تحمل كل أنواع التحدي المرئية والمستترة، في إطار النظر بعناية لحتمية تعزيز برامج ومشروعات التنمية الوطنية التي تُلبي حاجات وتطلعات المواطن خاصة، وأمال العرب والمسلمين عامة، والمساهمة في خدمة الإنسانية جميعها.
قائد المسيرة السعودية، ورافع لواء دارة الملك عبدالعزيز لحماية التاريخ والتراث والأدب، وراعي الإنجاز الراسخ في العمل الإنساني بكونه أب الأيتام وراعيهم في جمعية إنسان، ومن خلال مساعدة ودعم الفقراء والمحتاجين في الداخل والخارج من خلال مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، وهو ذو موهبة الانصات الجيد لأصحاب الحاجات في مجالسه المفتوحة والعمل على تفهمها وتلبيتها في تجاوز عجيب لكل التحديات، وعالم الاجتماع والنفس المتفرد الذي لا يكاد أحد يصل إلى مستوى فهمه وإدراكه لسيكولوجية المجتمع السعودي بفهم خصائص البادية والريف والحاضرة والمزج بينها باحترافية عالية، وفي إدراك متميز لتعقيدات العلاقات الإقليمية والتشابكات الدولية والتعامل معها بإيجابية، اضافة الدور الفعال في ريادة الأعمال ورفع كفاءة الإدارة عامة والشباب خاصة، ولعل الإمساك بالملفات الساخنة والقضايا الحرجة والتعامل معها باستراتيجية متوازنة تدحر التهديدات وتحفظ الحقوق وتتصدى للتدخلات في الشئون الداخلية والعربية والإسلامية قيمة مضافة للدور السعودي الحاضر دائمًا في قضايا الأمة وفي مقدمتها قضية القدس وعودة دولة فلسطين.
مشاهد الصراع الإقليمي في فلسطين والتنكيل يشعبها من الصهاينة الغاصبين، وفي سوريا، والعراق، وشرذمة الدولة في لبنان، والانقسام في ليبيا، والتطاحن بمصر، وتمدد الإرهاب في الأردن وتونس، وتعدي طائفة الحوثي على السلطة الشرعية في اليمن لها قراءة متعمقة من القيادة السعودية كانت بدايتها التأسيس لتصور المشهد المحلي والإقليمي والدولي برؤية شحذ الطاقات بإعادة تشكل مجلس الوزراء بمعطياته الجديدة المتمثلة في سلطة الحكم والإدارة برئاسة خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز لمجلس الوزراء، وولي العهد الأمير محمد بن نايف بن عبدالعزيز نائب لرئيس مجلس الوزراء، وولي ولي العهد الأمير محمد بن سلمان بن عبدالعزيز نائب ثاني لرئيس مجلس الوزراء في تمهيد يحمل الدلالات العملية للانتقال المرن للسلطة في المستقبل من الأبناء إلى الأحفاد، في إشارة سريعة للعالم أن القرار السعودي مباشر وصريح ووطني يتخطى كل مراحل التشكيك ويتجاوز الضغوط والممارسات المحبطة، ويتخطى كل التفسيرات والظنون، ويؤسس لانتقال سلطة الحكم بين الأحفاد كما هي بين الأبناء بشرعية وقبول شعبي وبيعة ضافية، وتنوع موضوعي لأعضاء مجلس الوزراء حمل في طياته الخبرة والتخصص والكفاءة والجدارة والتطلع إلى القدرات النوعية التي تحمل على رفع مستوى الكفاءة الانتاجية وصناعة القرار الكفء الذي يتسق مع تهديدات وتحديات المرحلة الحرجة التي تمر بها المنطقة والعالم يتجدد أعضائه بمتطلبات المواقف واحتياجات المرحلة.
تمتلك القيادة السعودية مبدأ المبادأة وأسلوب المفاجئة في اتخاذ القرارات التي فاقت كل التوقعات وتجاوزات حدود رؤى المفكرين والمحللين والنقاد السياسيين والاقتصاديين محلياً وإقليمياً ودولياً في ترجمة عملية رائدة لفن الإدارة ومهارة السياسة وجدوى الاقتصاد والقيمة المضافة لمعطيات التنمية التي يعززها النظام الأمني والدفاعي والإعلامي الواق الذي تحققه التنمية وتتحقق به وتتبادل معه مقومات الاستقرار والتطور لبسط الأمان الفكري والاستقرار المجتمعي للوقاية من الأزمات والهزات الاقتصادية، ومن خطر الإرهاب والمخاطر الأخرى العلنية والمستترة المحيطة بدول مجلس التعاون الخليجي والبلدان العربية والإسلامية.
النضج القيادي السعودي ادرك عمق التهديدات وجسامة التحديات مع الإرهاب وغدر الإرهابيين وتصاعد الاضطرابات في دول الجوار التي تفرض المواكبة لإعادة ترتيب الأمن والاستقرار المحلي والإقليمي انطلاقاً من الميزات الجيوسياسية للملكة. في هذا الإطار برزت الخطوة الطموحة في ضبط قمة الهرم الإداري السعودي بترشيد المجالس في مجلسين مجلس الشئون السياسية والأمنية برئاسة ولي العهد ، ومجلس الشئون الاقتصادية والتنمية برئاسة ولي ولي العهد لضبط مسار القرار وخفض مسافة خط السلطة في اتخاذ القرارات، وكانت بداية التهيئة لمعركة عاصفة الحزم من أجل استعادة الشرعية في اليمن.
الريادة السعودية شاهد في كل المشاهد في أنموذج قرار عاصفة الحزم، ورعد الشمال، واستمرار عملية إعادة الأمل لنصرة الأشقاء في اليمن قرار تاريخي لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز ولوحة مشرقة في التلاحم العربي والإسلامي بتمرين رعد الشمال بمنظومة جيوش (20) دولة عربية وإسلامية أعادت وحدة الكلمة واجتماع الأمة العربية والاسلامية في اصطفاف وتراصف أبهر العالم، وأعاد رسم ملامح القوة من جديد في مُسلمة تمثلت في إجماع محلي وإقليمي ودولي أن المملكة العربية السعودية رمزًا للريادة والزعامة بين دول العالم، وأن شعبها ذو إرادة وعزيمة وترابط بين مكوناته، وأن سياستها راسخة وثابتة بكل معايير الثبات في كل الظروف وتحت جسيم الأحداث.
تصور القيادة السعودية للقرار التنموي الداخلي يتركز بداية في المحافظة على منجزات التنمية من التهديدات القائمة والتحديات المتوقعة والمخاطر الحرجة التي تكاد تعصف بالمنطقة وتُذهب ثرواتها وتمحو خيراتها والأولية حمايتها من هذه التهديدات وحفظ الأمن القومي الشامل الخليجي والعربي والإسلامي، بمعركة عاصفة الحزم وإعادة الأمل في جنوب المملكة واليمن، ورعد الشمال على الحدود الشمالية والشرقية في رسالة واضحة وجلية لدحر قوى الشر ومنع تهديدات الإرهاب في إعادة شامخة لهيبة الأمة وبناء نظرية الأمن القومي العربي والإسلامي على معطيات جديدة تتمثل في القوة والتأخي والتآزر والاصطفاف في وجه التهديدات والتحديات والمخاطر لأمة موحدة تستدعي قواتها وجيوشها وتدير عمليتها بسرعة مذهلة وبأساليب قيادة وسيطرة أكثر تمكنًا وجاهزية لمواجهة كل الاحتمالات وصد كافة التهديدات، مع الاستمرار بخط موازي لهذه الإنجازات على مسار الإنجاز التنموي الوطني والبناء والعطاء والتنمية الوطنية الشاملة للوطن والمواطن السعودي، ودفع الاقتصاد نحو مشروع التحول الوطني الذي جاء استجابة لمتطلبات المرحلة بتنويع وتعزيز مصادر الدخل الوطني، ورفع كفاءة الموارد، وتحفيز وترشيد القطاع الحكومي، وتوسيع دائرة الشراكة بين القطاع الحكومي والقطاع الخاص، والتشارك الاقتصادي، وتمكين مؤسسات المجتمع المدني وأجهزة الرقابة والتقييم والتقويم بمتابعة تنفيذ مشروعات التنمية.
قائد الوطن وراعي المسيرة المرحلة الحرجة في حماية حدود الوطن من كافة الجهات وبمختلف الوسائل والتقنيات الحديثة والقوى البشرية المدربة من أي اعتداء، ومن مخاطر التطرف والإرهاب والتسلل تترقب توحيد الجهود في هيئة وطنية للوقاية من التهديدات والكوارث والمخاطر تُنسق وتُنظم كافة الجهود الوطنية، وتعمل على تقييم التهديدات والتحديات والمخاطر وتحدد أولوياتها على معايير تنطلق من الوحدة الوطنية والانتماء واللحمة المجتمعية وتماسك البناء المجتمعي الذي يفوت الفرصة على كل متربص وحاقد وناقم، وإقامة نظام جديد للوقاية من التهديدات والكوارث والمخاطر بتشخيص مسبباتها، وتطوير الأنظمة والقوانين التي تواكبها، وترسيخ مبدأ الحوكمة الرشيدة بالمسألة والشفافية، ومكافحة الفساد وحماية النزاهة تحت مظلة تشريعات تُنفذ بصرامة ضد كل من يحاول الإخلال بأمن واستقرار الوطن على غرار تجريم حزب الله اللبناني بتوسيع دائرة تجريم التنظيمات والمجاميع الإرهابية التي تعمل أذرعة لدول إقليمية وتنفذ أجندات عالمية، وتطوير وتحديث ذلك باستمرار في قانون خليجي موحد لمكافحة الإرهاب ومنع التطرف، مع الإبقاء على إظهار عنصر الردع دون انقطاع باستعراض القوة العسكرية في نموذج رعد الشمال.