أ. د.عثمان بن صالح العامر
لم يكتفِ الحوثيون بالتدمير والإفساد للأرض وما عليها من أشجار ومبان وأحجار، بل إنهم فتحوا صفحة جديدة في سجل الإجرام الآدمي بالقتل والتشريد والفتك والتذليل لبني الإنسان منتهكين في صنيعهم هذا كل النصوص الدينية والأعراف والمواثيق والعهود الدولية. ليس هذا فحسب إذ إنهم بذلوا جهدهم وسَعوا بما أوتوا من قوة لمنع وصول المساعدات الغذائية والطبية، ووضع العراقيل أمام الجهود السعودية والدولية الرامية لإنقاذ الشعب اليمني المكلوم، متخذين من المنابر وبقايا منافذ إعلامهم المنبتّ وسيلة للتضليل والاتهام العلني لقوى التحالف المدافعة عن الشرعية اليمنية بأنها غزو أمريكي سافر، وأن قوى التحالف هي من يقتل المدنيين!!!
* إن ما نشرته الجزيرة في عددها الصادر يوم السبت 10-6-1437هـ من أرقام مخيفة واردة من منظمات حقوقية دولية ومحلية يمنية يعطي مؤشراً على ظلم الإنسان للإنسان في عصر التقدم المتسارع الذي ينقل الأحداث بالتفصيل وفي أقل من جزء الثانية، وفي ذات الوقت يبرهن بما لا يدع مجالاً للشك أننا أمام ملف حقوقي متراكم يوجب المساءلة الدولية والمطالبة الحقوقية العالمية لما يعرف دولياً بـ«جرائم حرب»، حينها فقط سيشعر اليمنيون بعودة كرامتهم المسلوبة، واسترداد عزتهم المدوسة على يد هؤلاء المفسدين الأفّاكين الذين يريدون بالجزيرة العربية قاطبة شرا.
لقد تحدّث الإعلام العالمي المحايد عن هذه الجرائم بالأرقام، مدللاً على ما ذهب إليه من سفك وإفساد بالصور الملتقطة والشهادات الحية والتحليلات والتصريحات الرسمية، وبقي بعد ذلك الضمير العالمي والصوت الإنساني الذي يجب أن يتحرك بقوة لدعم الجهود الرامية لإنقاذ الطفل والمرأة والشيخ والشاب القابعين في أرض اليمن شماله وجنوبه، مدنه وقراه، سهوله وجباله، والذين يستغيثون ويطلبون النجدة والمساعدات التي تصل عند أبوابهم ويمنع دخولها داخل منازلهم المخلوع صالح وجلاوزته من الحوثيين وغيرهم .
إننا أمام مشهد دموي لا يعرف للرحمة بابا، فرغم مضي أكثر من عام على هذه المآسي المحزنة التي تسر العدو وتحزن الصديق، بل حتى من في قلبه ذرة من الإنسانية، فإن العراقيل والاتهامات والتجنّي الفاضح والمكشوف مازال يمارس من قبل هؤلاء الجناة مع سبق الإصرار والترصد، وكأنهم يريدون أن تصبح اليمن رماداً، ويفنى الوجود الإنساني في هذا الجزء من العالم صاحب التاريخ المجيد والجغرافيا المهمة .
لقد بذلت المملكة العربية السعودية - وما زالت تبذل- كل ما تستطيع لتضميد الجراح وإحياء الأنفس والوقوف مع المحتاج وعلاج المصاب، شعوراً منها بواجب الأخوة الدينية وأداء لحقوق الجار الذي يمر بمحنة لا يعلم مداها إلا الله، ومع ذلك فهناك من يتهم قوى التحالف الذي تقوده المملكة العربية السعودية بأنها هي من يقتل المدنيين، وقد انتقد الناطق باسم التحالف العربي المشترك في اليمن العميد ركن أحمد عسيري السبت الماضي في حديث له لقناة الجزيرة القطرية التقارير الصادرة عن بعض المنظمات الإنسانية والحقوقية بشأن دور التحالف في اليمن، لافتا إلى أن صياغة هذه التقارير تنم عن جهل هذه المنظمات بالموقف في اليمن.
واستهجن عسيري تقارير للمنظمات عن التحالف بأنه يستهدف المدنيين في اليمن قائلا: كيف لتحالف يضحي بأبنائه وأمواله ووقته واستقراره لتحرير اليمن من يد الحوثيين أن تكون لديه خطة ممنهجة لاستهداف المدنيين؟
وقال: إن الأحكام التي صدرت عن هذه المنظمات اتسمت بالسرعة فضلا عن أن معظمها غير موجودة على الأرض في اليمن، خاصة في مدينة حجة (شمال غرب صنعاء) المكان الذي استهدف التحالف فيه مليشيات الحوثي، وزعمت هذه المنظمات أن عشرات المدنيين سقطوا قتلى.
وأضاف عسيري: أن تخرج تقارير بهذه الأحكام بعد 48 ساعة من الحادث المزعوم وبحكم قطعي بأن التحالف استهدف المدنيين يشي بأن هناك هدفا لتشويهه.
إنني ومثلي كثير لا نقول هذا الكلام عمّا تقدم بلاد الحرمين الشريفين المملكة العربية السعودية من باب المنّ - لا سمح الله - ولا التكاثر والافتخار، ولكن تجلية للحقائق وبياناً للواقع الذي سطرته على أرض اليمن مسيرات الشكر والتقدير لسلمان بن عبد العزيز من أبناء وأهالي المحافظات والمدن، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون. حفظ الله بلادنا، وحمى حدودنا، وأعاد لنا يمنا سعيداً، دمتم بخير وتقبلوا صادق الود والسلام.