أ. د.عثمان بن صالح العامر
للكتاب سوق رائجة في المملكة العربية السعودية، وهذا ما أثبتته معارض الكتاب الدولية منها والمحلية، على الرغم من أن المتوقع خلاف ذلك نظراً لسهولة الوصول لكثير من الكتب الورقية إلكترونياً، خاصة المشهور منها، والراصد والمتابع لحركة البيع يلحظ أن المشترين ثلاثة:
* الجامعات والمؤسسات العلمية والمراكز المتخصصة، وهؤلاء يشترون بكميات كبيرة ومن مختلف العلوم والمعارف الشرعي منها والعلمي والإنساني والهندسي والتكنولوجي والتنموي والإداري العام والمتخصص و...
* الأكاديمي المتخصص أو الباحث العاكف على دراسة بعينها أو المثقف البصير بسوق الكتاب والمتابع للجديد فيه، وهذا الصنف من المشترين هو أيضاً شرائح ثلاث:
- شخص يأتي لمعرض الكتاب باحثاً عن عناوين محددة قديمة كانت أو حديثة يحتاجها بعينها، ولذلك تجده يذهب لهدفه مباشرة فإن وجد ضالته في دار النشر المحددة وإلا رجع من حيث أتى، يمر سريعاً على جنبات المعرض، وقد يخرج وليس بيده شيء.
- شخص متابع للجديد في تخصصه أو في مجال اهتمامه إن كان مثقفاً، وهذا له دور نشر محددة وصداقات خاصة مع الناشرين، يمر عليهم واحداً تلو الآخر ويأخذ ما يعتقد أنه بحاجته، وهذا تجارياً أفضل من الأول وقد يمضي وقتاً أطول من سابقه، إلا أنه لا يعدّ قوة شرائية مغرية في نظر الباعة.
- والثالث شخص متخصص وباحث وكاتب، إلا أنه رجل أو امرأة موسوعي ويحب القراءة في كل الفنون، ولذلك تجده يمر على جميع المكتبات ويسأل من يقابل ممن يعرف اهتماماتهم وضلوعهم في القراءة، يسألهم عن الكتب التي أعجبتهم، وما الذي اشتروه، ويبادر أصحاب الدور في السؤال عن الجديد لديهم، وما أكثر الكتب مبيعاً، ويحرص على شراء ما كان ممنوعاً أو يتوقع منعه، وكذا كل ما يعتقد أنه سيحتاجه يوماً ما حتى ولو كان ذلك اليوم بعيداً.
* أما الصنف الثالث فهم محبو العلم وطلاب الجامعات والتعليم العام وعامة الناس الذين يدخلون المعرض تحت تأثير رسائل دعائية وصلت إليهم عبر مواقع التواصل الاجتماعي، أو الصحف والمجلات، أو وصايا شخصية وعائلية، أو جراء الإعجاب والمحاكاة، أو لأسباب لا تخفى، وهؤلاء بدورهم أصناف سبعة:
- يأتي للمعرض متسوقاً وليس في نيته الشراء، ويرى الناس يتزاحمون على دار من دور النشر المعروفة، أو يتسابقون للظفر برواية ما أو كتاب جديد لإنسان مشهور، أو أنه يلاحظ الكل يتقاطرون بعضهم وراء بعض لشراء الطبعة الأولى للمؤلف... وبتوقيعه الحي وربما التصوير معه، فيتأثر صاحبنا ذكراً كان أو أنثى بهذا وهذا وذاك فيشتري الكل فضلاً عن شرائه ما يعجبه شكله أو يرى فيه ما يلفت انتباهه.
- يأتي مع زوجته وربما بناته فيشتري لهن ما يظن أنه يتوافق ورغباتهن ويلبي متطلباتهن العلمية واحتياجاتهن الثقافية فضلاً عمّا يشترينه هن مما تم اختياره مسبقاً لسبب أو لآخر.
- يأتي تحت تأثير الإعجاب الشخصي بشخصية تويترية مشهورة غردت بالكتابة عن وجود كتابها الجديد الشيق والمفيد في معرض الرياض الدولي للكتاب، ويكتب عن هذا الكتاب الجديد لفلان المشهور غيره من رفقاء الدرب وزملاء المهنة وأصدقاء التوجّه والمنهج، فيأتي الأتباع على حس الاسم سواء أكان اسم الكاتب أو عنوان الكتاب خاصة إذا كان رواية أو ديوان شعر أو أنه مؤلف في باب الثقافة العامة.
- والصنف الرابع يشتري الكتاب لذات الشراء وحباً منه للتملك، حتى يؤسس في بيته المميز أو قصره المنيف مكتبة تحتوى على صنوف العلوم والمعارف، وقد تمضي سنوات العمر الطويلة ولم يفتح مما اشترى واحتفظ به كتاباً واحداً ، وهذا وإن كان عدده قليلاً فإن قوته الشرائية ورغبته في الحصول على أكبر عدد ممكن من المجلدات مؤثرة وفاعلة.
- أما الخامس فهو يشتري للتوزيع الخيري وللإهداء، وهذا عدده قليل ومع ذلك يجب أن يؤخذ في الحسبان حين التصنيف والتفريق بين مشترٍ وآخر.
- والسادس طالب جامعي ينوي تأسيس مكتبة متخصصة في فنه الذي اختاره للتو ليمضي به عمره دارساً أولاً ثم ممارساً وممتهناً له، وحق هذا النوع من المشترين الدعم والمؤازرة المادية والمعنوية ومحض النصح والتوجيه، سواء من قبل أساتذته أو أصحاب دور النشر والمثقفين، وينضاف إلى هذه الشريحة من الرواد لمعرض الكتاب من يطالبهم أساتذتهم بشراء كتاب معين لا يمكن الحصول عليه إلا في معرض الرياض الدولي.
- أما الأخير فهو يشتري محاكاة وتقليداً، سواء للأصدقاء أو لزملاء المهنة أو الأقارب والجيران، أو أنه جاء في رحلة مدرسية ومعه مبلغٌ من النقود فاختار من الكتب ما أعجبه غلافه وراق له إخراجه أو وصّته به أمه وربما أحد أفراد عائلته الذي يكبره سناً.
هذه الأصناف جميعاً بل الشرائح المجتمعية الثلاث حقها التقدير والاحترام لشعورها القلبي وقناعتها العقلية بأهمية الكتاب، ويبقى من هم لا يكترثون بمثل هذه المناسبات الثقافية المفصلية ولا يعرفون للكتاب قدره، ولهؤلاء جميعاً أوجه دعوة وزارة الثقافة والإعلام العامة بزيارة خاطفة للعاصمة الرياض ودخول المعرض والتنقل بين أروقته، وجزماً ليس من رأى كمن سمع، وعندها ستختلف الأحكام وتتباين الرؤى. وعلى الله التوفيق، ومنه الصواب والسداد، وإلى لقاء والسلام.