د.ثريا العريض
عبر نشرات الأخبار وحوارات المتخصصين في تويتر وساحات التواصل والواتس آب، يتصاعد الكثير من دخان الضبابية وسأم انتظار توقف التأجج على امتداد الجوار القريب والبعيد.
يتداخل لغط الحوارات حول مستجدات الأوضاع: الوضع الاقتصادي، وإجراءات برنامج التحول، والعلاقة مع إيران والجبهات المشتعلة، وتوقعات توقف الحرب في الجنوب، والتوصل إلى قرار أممي دولي في المداولات حول سوريا. وهناك خارجياً تفجيرات تتم في أوروبا بيد مواطنين ولدوا فيها لمهاجرين من جيل أسبق، تنسبها داعش لنفسها فترفع الضغط العالمي ضد المسلمين والمهاجرين واللاجئين.
ونتساءل لصالح من كل هذا الموت والدمار؟ تفجيرات قاتلة في بلجيكا بعد تفجيرات شبيهة في تركيا، وقبلها في باريس، وغيرها أحبط في ألمانيا وبريطانيا. وبديهي أن تسائل دول أوروبا نفسها عن عقلانية القرار الذي أقرت به حق لجوء المضطهدين في أوطانهم، فأصبح نقمة انسانية تتصاعد بهجرات تسونامية حملت إلى حدودها ملايين اللاجئين من آسيا وإفريقيا هاربين من كوارث الحروب والاستبداد والفقر والجوع.
لا حرب تستمر مهما طالت. وأي نظام مستبد لن يدوم في رفض المواطنين له. علي عبد الله صالح يختبئ عالما أنها نهاية لعبة الطغيان، والأسد مثله يعلم علم اليقين أن نظامه سائر إلى نهاية محتمة. ولن ينفع أي منهما الاحتماء بإيران. أما داعش التي انداحت كنبتة الشر في خلو المنطقة من الأمن، فالمستجدات تشير الى تقلص مكتسباتها في الجوار القريب بالعراق وسوريا.
وأما إيران، الجارة اللدود، فهناك إشارات وإرهاصات أن شيئا ما يجري خلف الأستار الدبلوماسية قد يتبعه انفراج في أجواء الاستنفار التي تلبد بها الجوار الإقليمي. ومع هذا فالتصريحات العدائية المليئة بالغطرسة، ومحاولات التدخل العدوانية ما زالت مستمرة، وإن فقدت عنفوانها نتيجة تحجيم قدرة إيران فعلياً على الفعل، فتراجعت إلى جعجعة صراخ موجه للداخل الإيراني.
هل إيران عاجزة عن الاعتراف بما يحدث في الجبهات المختلفة التي مولت اشتعالها ودمرت استقرارها؟ أم أن الملالي يرفضون أن يروا فشل خططهم؟ سؤال يطرح بالطريقتين. يبقى أن الاعتراف بالأخطاء فضيلة، وأن الاستقرار وسيادة القانون الدولي في الجوار الإقليمي مطلب يحقق الأفضل لكل الأطراف، على أن تلتزم إيران كغيرها من الدول بحدودها، وتنصرف عن تدخلها في شؤون الآخرين، إلى إسعاد مواطنيها بشتى طوائفهم وإثنياتهم.
أستار دبلوماسية أخرى تجري وراءها مداولات روسية أمريكية، حول مستقبل المنطقة وما ستتفق عليه مصالح القطبين ليكون الواقع القادم، برضا الأطراف المحلية المعنية أو بغير رضا بعضها. وحتى يتوصل القطبان الى توافق، ستتواصل محاولات استعادة الأراضي التي استولى عليها داعش، وستواصل تركيا محاولة حماية حدودها من تدفق اللاجئين من الجنوب هاربين من أتون سوريا، وحماية داخلها من تفجيرات حزب العمال الكردستاني، وستستمر معاناة اللاجئين الهاربين إلى الشمال الغربي، وتكدسهم على الحدود الأوروبية في ما يشبه الكوابيس المتتالية.
وفي كل هذا ستظل الأضواء بعيدة عما يجري في فلسطين.