د. خيرية السقاف
لعلها كانت تتلمظ في حقيبته,
بالتأكيد كانت لها عيون ترقب السائرين وفي صدورهم هواجس غاياتهم..
ربما كانت تحقد عليه وهو يزجها في مأزق النار..
يحولها بين لحظة وأخرى لفاتكة بأرواحهم
حين يفجرها فإن هؤلاء سيتحولون قطعاً قطعاً وتطير أرواحهم, أو تبقى في أوعية مهشمة..
حين تتشظى ستتحول أجسادهم ومقتنيات ما حولهم أشلاء, وأعباء..
ما الذي يفعله الإنسان بي لأكون أداة سحقهم, إيلامهم, و.., و..
ربما كان هذا لسان حال القنبلة, والأحزمة الناسفة, والذخيرة المعدة لقتل البشر
كالتي روعت المصلين في بلدي, الغافلين في سلامهم, المطمئنين لبعضهم..
ذاتها الأيدي في الظلمة تصنعها, وفي وضح النهار تتسلل بها بين الناس تفتك ما شاءت نفوسها الكئيبة, المريضة, تماماً كالطحالب القاتلة في قاع البحر تهيج كلما دارت بطبعها..!!
بجرأة مفرغة من أي قيمة للحياة يتسربون, حين تكون الحياة ليست للتدمير وليست للقتل, وليست للإفزاع فيفعلون, هؤلاء تماسيح الطمي يفاجئون الغافلين في دعتهم بها,
فلو أنها تنطق هذه الذخيرة لفتكت بهم أنفسهم قبل أن يفتكوا بها.., ربما لأنها ستأبى مقاصدهم,
إذ حتى الجماد يأبى الذي يفعلون..
الآن, في ضوء دويها المتوقع بين عشيات الأيام, وضحواتها,
وفي أي نفق, وشارع, وعند أي جدار, وزاوية, في ليل ساخن ونهار ثلجي, بين أبيض البشرة وأسمرها, بين طويل العنق وقصيرها, بين الناطق والصامت, بين القادر والعاجز, بين الفاهم والجاهل, بين السجين, والسجان.. وحول العالم كله..
الآن, يلح هاجس قوي أن علموا أبناءكم سلام الإسلام, براءته مما يراد به, نقاءه من عتمة الصورة, خلوصه من شوائب الغوغاء حوله, ..لا تكفي معلوماتهم العاجلة, ولا جمل عابرة تصب في آذانهم, ولا نهج تربيتهم التي اعتدناها, ولا التهاون فيما يقرأون, ويسمعون, ويلقنون عنه..
إذ بعد كل المتغيرات من حوله في العالم, وجحافل الجيوش المتجهة لتقويضه بقوة من كل صوب, ينبغي حدوث نهضة عازمة, وقوية لحمايته في نفوس أجياله الذين جاءوا للدنيا في بيوت مسلمة, لكنها لم تفعل كثيراً من أجل أن تمكنهم من الحجج, وتؤكد لهم نصاعة السطور, وتثبتهم على جادته بحب, ويقين, وتسلمهم المصابيح لهذه الأنفاق المظلمة التي تزجهم في دهاليزها الأحداث المتلاحقة التي توسم به فيذهبون في متاهات صدقها من كذبها, وحقيقتها من افتراءاتها....!!
قولوا لهم من يفعل هذا ليس مسلماً, وإن كان ففاسقاً,
أنقذوهم مما يراودونهم به, فقد تكالبت النوايا على الإسلام, والمسلمين, واختلفت المقاصد, والوسيلة هي الذخيرة, وهي الإيهام بأبنائه..!
فلو أن هذه الذخيرة تنطق بما تسمع, أو تتحدث قبل أن تفعل لقالت, وقالت, ولكشفت عن الصانعين, ولارتد إليهم نارها قبل أن تتشظى به ذاتها..!
فمن يفتك على غرة ليس محارباً نبيلاً, ولا مختلفاً عاقلاً..
إن مجانين هذا الزمن قد فُكَّ عنهم إسارهم, فهاجوا, وماجوا, وتدافعوا
وآن للعقلاء أن يتصرفوا نحو الجادة..
حرسنا الله منهم. ولطف بالإنسان حيث يكون.