سعد البواردي
أجل آجل.. وأجل عاجل.. لا أحد يموت قبل وقته.. ولا أحد يموت بعد وقته.
لحظة الأجل محكومة بالحساب.. الغياب لها مجرد إشعار.. وإخطار بالنهاية.. ولحظة أن تأتي في وقتها.
فينا من يُعَمَّر إلى درجة أن الموت له راحة ورحمة بعد أن شاخت به السنون.. وفقد إدراكه بما حوله.. فلا هو بالحي.. ولا هو بالميت. وفينا من هو في ريعان العمر فاجأته المنية صدفة.. وبصدمة لا يقوى على تحملها ذووه.. إنه موت المفاجأة.
نموذجان لقريبين غاليين.. أحدهما خالتي حصة العنقري التي ودَّعت دنياها وقد تجاوزت المائة عام، كان الإحساس بفقدها أرحم لأنه طبيعي ومُنتظر.
غير الطبيعي.. وغير المنتظر هو موت المفاجأة.. شاب في السابعة والشعرين ..هو ابن بنت خالتي نورة العنقري محمد بن عبدالعزيز المعمر، الذي قاد سيارته مسرعة إلى مزرعته.. والأمل بطول العمر يسكن حياته.. فقد سيطرته عليها فانقلبت به العربة.. كل شيء في جسده بداية من رأسه إلى أضلاعه تهشم.. أصبح إلى قبره أقرب منه إلى قصره.
قبيل وفاته بدقائق كانت أمه إلى جواره أدركت بحس أمومتها أنه يودع.. أمسكت بسبابته ورفعتها واسلمتها كي يتشهد.
وأخاله تشهد..
بين المشهدين الجنائزيين بضعة أيام لا أكثر.. تعددت الأسباب والموت واحد.
يرحمهما الله، ولنا فيهما العزاء.