سعد البواردي
* الشاكي الذي يدافع عن حقه
* الحاكي شركة المياه
* والباكي الذي يدافع عن حياته
الإشكالية التي تجمعنا واحدة في معناها ومغزاها.. مشكلة المياه التي بدونها لا حياة وما طرأ عليها من تضخم ومغالاة لا يقوى الكثيرون من محدودي الدخل على حملها، وعلى تحملها.
الثلاثة احتكموا إلى محكمة الضمير في شخص من يعرفون عنه الحكمة وصواب الرأي.
زاروه في دارته.. ارتضوه حَكَماً وحُكماً في حل قضيتهم.. لعل وعسى أن تنفرج الكربة ويذهب كل واحد منهم إلى سبيله سالماً، وغانماً..
* الشاكي كان أولاً في طرح شكواه.. قائلاً:
يا سيدي دون أسباب مقنعة وبشكل فجائي تلقيت فاتورة المياه المرهقة للنفس وللجيب.. عدة أضعاف عما كانت عليه منذ وقت قريب.
ليس هذا فحسب رغم فداحته وإنما أضيف إليه مصاريف الصرح الصحي الذي سبق أن دفعتُه للشركة التي أنيط بها ربط الصحي والمعتمدة.. والبالغة أكثر من ستة آلاف ريال.. أي أن عليَّ دفع ما سبق أن دفعته.. هل هذا من الحق في شيء يا حكيمنا؟!
لقد ذهبت إلى مقر الشركة وليتني لم أذهب:
جموع متراصة من البسطاء الشاكين والباكين لشأنهم يبحثون عن من يهمه الأمر.. لا أحد يجيب.. لا أحد يستجيب.. لا أحد يرد على السؤال الحائر والجائر يا سيدي.. ماذا بيدي؟
* بعده جاء دور الحاكي مبهماً.. اختصره في بعض كلمات لا تقنع أحداً.
- من واجبنا وضع حد للإسراف وإهدار الماء الذي يكلفنا الكثير من الأموال.. وصَمَتَ.
* ثم جاء دور الباكي المهدد بالعطش، فالموت بضع شجيرات محدودة ومعدودة أخذت مكانها في باحة الدار.. وساحة من خلال مساحة لا تتجاوز العشرين متراً يغطيها ثيل أصفر يجاهد حر الصيف وزمهرير الشتاء أنا وحدي المهدد بالعطش والموت.
لقد اعتزم الشاكي صاحب الدار إذا ما قضي الأمر في ليل أو نهار أن يقتلعنا من جذورنا.. رغم أننا وجه ربيع بذكر بالرياض وما تعنيه كلمة العاصمة بالرياض من معنى حتى ولو كان متواضعاً..
وأردف الباكي قائلاً:
- إنه الشاكي الذي هددني بالفناء من العطش لأنه لا يملك القدرة على دفع فواتير الماء المبالغ فيها.. سَلْه يا حكيمنا..
* وتحدث الشاكي بصوت تخنقه الغصة:
- هذا ما عقدت العزم عليه دون تردد..
سأحل مكان الحديقة الصديقة كثبان رمل أصفر يذكرني برمال الدهناء أو الربع الخالي.. وفي وسطه سوف أقيم عموداً أثبت عليه لوحة تحمل العبارة التالية:
- هنا كانت حديقة صغيرة استكثروها علينا.. مشكلتنا أننا لا نطيق وجه الخضرة.. وجه الرياض وما تشير إليه.. وإذا عُرف السبب بطل العجب.. فاتورة الماء الباهظة لن نقدر على دفعها.
* أطرق الحكيم.. وأدلى بحكمة. وهمس قائلاً:
- لو عرف ولاة أمورنا ما كان لشيء من هذا يحصل.
* * *
وبدوري أتوجه إلى أبي الشعب سلمان وهو الراعي الأمين لشعبه لمسةً كريمةً وحانيةً منك تحل هذه المشكلة التي أحالها الحكيم إلى مَن هو أحكم وأقدر على حل المشكلات رحمة بالمستضعفين الذين اكتووا بنار قيمة المياه المبالغ فيها.. وما أخاله إلا فاعلاً وفي ميزان حسناته إن شاء الله. وإلى وزير المياه المهندس عبد الله الحصين لعله يفتش عن الخلل (إن كان هناك من خلل) في أداء شركة المياه، فالمبالغات في الأسعار ربما تكون أكثر من القرار بزيادة تعرفة سعر المياه.