موضي الزهراني
في إحصائية من إدارة مركز محمد بن نايف للمناصحة والرعاية، والمنشورة في جريدة الوطن يوم الثلاثاء الماضي بتاريخ 6/6/ 1437هـ، ذكرت بأن نسبة الشباب الذين خضعوا لبرامج المناصحة ولم تظهر عليهم مؤشرات العودة للتطرف بلغت 85 %، بينما عاد 15 % منهم إلى مناطق الصراع أو بدت عليهم مظاهر التطرف بعد خروجهم من المركز! كما تم الإشارة إلى أن عدد جلسات المناصحة الفردية بلغت 16207 جلسات، اضافة إلى 15 برنامجاً للمناصحة الوقائية نفذت في 12 محافظة، واستفاد 309 من برامج المناصحة المستهدفة، كما قدم المركز 134 جلسة مناصحة نسائية استفادت منها 27 شابة.
إضافة للبرامج التأهيلية المتنوعة التي يقوم بها المركز في بيئات مختلفة منها (بيئة السجن) والأهم برامج الرعاية خارج المركز والتي تقيس مدى نجاح البرامج السابقة بعد تخرجه، وبعد دمجه بالمجتمع كمثال (برامج التكيف والاندماج) إضافة لبرامج الرعاية الأسرية، وهذه البرامج من وجهة نظري هي الأهم من أجل ضمان عدم الانتكاسة، وعدم استمرار ظهور مثل هذه الشخصيات المتطرفة (الإجرامية) والتي قد تتكرر في محيط أسري واحد! وهذا للأسف ما حدث في الجريمة البشعة الأخيرة والتي قتل أربعة أشقاء ابن عمهم وخالتهم بكل وحشية، وبالتعاون مع أقارب لهم (من نفس العائلة) وقاموا بتوثيق فعلتهم النكراء ونشرها من خلال مواقع التواصل الاجتماعي غير عابئين بالفعل المحرم الذي قاموا به (قتل النفس) أو بردود الفعل في محيطهم الأسري، والمحيط الوطني بالدرجة الأولى! هذه الشخصيات الخطرة والمتكررة في أسرة واحدة، تعتبر مؤشراً خصباً للدراسة التحليلية (النفسية والفكرية) للتاريخ التطوري لهذه البيئة الاجتماعية، وذلك للوقوف على الدوافع الحقيقية لتكرار هذا النموذج في محيط أسري واحد، وما هي أسبابه الوالديّه!؟ حيث إن الوالدين من العناصر المهمة لتشكيل الشخصية في مراحلها المبكرة وما تلحقه من تغيرات في التنشئة خلال السنوات اللاحقة للأبناء، وهم الأولى بالمناصحة، مع ضرورة دراسة الخصائص الديموجرافية لمرتكبي جرائم العنف وبالذات العمر باعتباره أحد المؤشرات الهامة في عملية وصف الخصائص الشخصية للمجرم، حيث تشير بعض الدراسات الأمنية بأن (الأسباب العائلية) من الدوافع التي لا يمكن إغفالها لارتكاب الجريمة وفي مراحل عمرية معينة! فالظروف الأسرية لا بد من إدراجها في دراسات مركز المناصحة وألا يغفل مدى أهمية تأسيس برامجه الاجتماعية والنفسية على تلك الظروف حتى يستطيع القائمون بها ملامسة الجرح عن قرب والسعي لمعالجته! إلى جانب أهمية التخصص الدقيق للقائمين على تنفيذ تلك البرامج في (علم النفس الجنائي) بعيداً عن المجتهدين والمتحمسين الذين قد يكون لهم دور كبير في انتكاسة تلك النماذج الخطرة!