موضي الزهراني
ما حدث الأسبوعين الماضيين من جريمتين بحق الطفولة يستدعي مراجعة جميع الجهود الحكومية والمدنية في مجال العنف الأسري، والوقوف على الخلل القائم الذي لابد من وضع أيدينا عليه وبقوة حازمة من أصحاب القرار! فالحادثة الأولى جريمة قتل الطفل عبدالله، حيث تم تسليمه من قبل إدارة المدرسة بسهولة لوالده المسجون سابقاً بسبب قضية قتل عمه، ولم تحاول الإدارة الاتصال بوالدته أو جده القائم على تربيته ورعايته! فكان مصيره الموت ذبحاً بسكين حادة من أقرب الناس إليه، فهذا الخلل والقصور في التواصل ما بين المدرسة والأسرة تسبب في جريمة قتل روح بريئة! والطفلة ليان ذات الأربعة أعوام تعاني من صدمة نفسية بسبب تلك الآثار الشنيعة على جسدها ومقدمة رأسها وهي راقدة على سرير العلاج الذي لن يمحو آثار صدمة التعذيب من أقرب الناس لها ومن محيط أسرتها! الطفلة ليان المؤسف أنها تعرضت سابقاً للتعنيف وتم إعادتها لأسرتها مرة أخرى بعد أخذ التعهدات على والدها برعايتها والمحافظة عليها! وهنا الخلل الثاني ما بين جهة اجتماعية، وما بين الأسرة تسبب في تعذيب طفلة بريئة كانت على وشك الموت! وبعد ذلك تم سحبها للإيواء في دار ستبذل قصارى جهدها لعلاج جروحها وآثار الصدمة التي أساءت لطفولتها المبكرة، والتي لن يتم معالجتها بسهولة! هذه الحادثتين قد تكررت سابقاً وستتكرر مستقبلاً إذا لم يكن هناك تفعيل قوي لأنظمة الحماية الموجودة، ولم يتم نشر التوعية والتثقيف الواسع بحقوق الأمهات الشرعية، وحقوق الأطفال في الحصول على حياة كريمة آمنة والتي بدأوا يفقدونها من داخل بيوتهم ومن بين أهاليهم! وكذلك إذا لم يكن للدور الأمني تدخل عاجل وقوي لحماية المُعنفين والمهددين من خطر العنف بأقصى سرعة تنقذهم من الموت، وإذا لم يكن هناك تفاعل ملموس من القضاة في حماية هؤلاء المستضعفين من آبائهم وأمهاتهم الخطرين وبالذات «المرضى النفسيين والمدمنين»! وللأسف الكثير من القرارات العدليّة لا تصدر إلا بعد حدوث جريمة تهزنا جميعاً وتسيء لجهودنا في هذا المجال. ولابد أن نعترف بأن هذا الملف خطير جداً وسيؤثر على جميع الملفات الوطنية، والتحول للتنموية، إذا لم يتم وضعه في قمة اهتمام الدولة من جميع النواحي، واستخدام منهج الالتزام بالأنظمة بدون تهاون أو محسوبية، ولغة الإلزام بالثبات في تطبيق العقوبات المشددة بدون رحمة في كل من يزهق أرواح الأطفال البريئة والتعرض لهم بالتعذيب لعدمي وجه للمقارنة ما بين المُعتدي والضحية! فالعنف الأسري أسبابه عديدة، ومخرجاته مُدّمرة لخطط التنمية البشرية التي يقوم عليها أمن وأمان الوطن واستقراره!