سام الغُباري
لم تعد الفكرة في حرب اليمن قائمة على إزاحة الرئيس السابق علي عبد الله صالح من واجهة المشهد الانقلابي على الدولة والشرعية الحكومية التي آذاها بقواته الموالية له، فأشاعت التوحش وحاول بطريقته إدارة تلك الوحشية بمفهوم التنظيمات
الإرهابية، الأمر أخطر.
- يتحدث «حسن نصر الله» علناً في خطابه الأخير تعليقاً على إعدام المملكة العربية السعودية الإرهابي الشيعي «نمر النمر» أن النزاع والصراع القائم في منطقة الخليج والجزيرة العربية هدفه «مكة»!، الأرض التي انحسرت فيها السلطات والدويلات المجزأة بعد توحيد الملك الراحل عبد العزيز بن عبد الرحمن آل سعود أراضي المملكة، وتشكيل دوله قوية وبناء مُلك عربي هو اليوم في مقدمة الصفوف لحماية مجالنا العربي ومواجهة الخمينية التي تتدثر بالتشيع وترى في حكم العربي لبلاده وتوحيد إرادة الشعوب العربية خارج سياق التشيع الخميني خيانة وكفراً، بدءاً من اليمن إلى العراق والشام ولبنان، وبعيداً عن خوض الدول العربية التي قاومت دائماً الاستعمار التوسعي لدولة «هرمز»، نجد الصراع اليوم يُفتح من باب «الشيعية الخمينية» التي تدير فكرة الفوضى بداخل الدول القائمة والطبيعية، لتصل إلى مسألة فعلية ويقينية في الدستور الإيراني الذي فصّله الولي الخميني على هيئة دولة الفقيه القائم بانتظار المخلص، وهي فكرة شيطانية تعبر عن إسرائيليات غيبية حوّلت المذهب الاثنى عشري إلى مذهب متوحش وشوهت فكرة الإمام الغائب، وأخرجت الكهنوت الديني لما للكلمة من أبعاد فلسفية، واستعملت البديل الحاضر للإنابة عن الإمام الغائب، وبالتالي أصبح الخميني يدير معارك إيران من خلال توظيف المذهب الاثنى عشري واستخدامه كسلاح طائفي لإدارة الفوضى في البلاد العربية مقابل المزيد من الإمبراطورية الإيرانية المجنونة.
استهداف نظام طهران سفارة المملكة وإحراقها، وخروج حسن نصر الله بتلك الصورة الشنيعة في خطاب افتتاحية العام الجديد، ورفع منسوب الغضب لإعدام إرهابي سعودي ينتمي إلى الاثنى عشرية هدفه استغلال المذهب لحماية إيران، وعزل الشيعة العرب عن هويتهم القومية والاحتماء بالقومية الفارسية التي تقودها طهران باسم التشيع، رغم أن المراجع الشيعية ذات الوزن الثقيل اعتبرت الخمينية فكرة سياسية توسعية طارئة لا علاقة لها بالمذهب، شأنها شأن الدولة الصفوية التي برزت قديماً غير أنها بلغت أعتى مراحلها مع الدولة الخمينية.
معركتنا اليوم عربية بامتياز، ويجب أن يفهم كل العرب هذا الأمر بوعي وإدراك يُجنب الطائفية استخدامها سلاحاً بيد الخميني، فلم يعد مطلوب من العرب وفق الرؤية الإيرانية إلا التضحية، الموت كأقصى درجات الحماية لأمن إيران ومطامعها التوسعية التي تسيل شبقاً على المقدسات الإسلامية والعربية، وعلى الدولة أساساً. مشكلتنا اليوم استغلال مظلومية آل البيت لإنتاج شعوب عالمية تؤمن بفكرة تصدير الثورة إلى دولها باستغلال المذهب الاثنى عشري كوسيلة لتحقيق الأطماع السياسية، وظهور الخميني كقائم بديل عن الإمام الغائب الذي يقال: إنه سيملأ الأرض عدلاً بعدما ملئت جوراً وظلما.
تحويل الشيعة عبر كل دول العالم إلى موظفين لخدمة إيران، يُسقط القوميات الوطنية ويشيع الفوضى في منطقة الجزيرة بصورة أساسية؛ خدمة للسيطرة الاستعمارية التي لا ترى فيها دول الغرب التبشيرية سوى أداة من أدوات معركة الخير والشر التي ستعجل بفكرة المخلص أو مهدي الزمان، وهذا التطابق المجنون في الأقطاب الإرهابية العقدية من إيران إلى داعش ثم صقور أمريكا إلى صهاينة إسرائيل يدفع بصدام كارثي لكل منظومات القوة في العالم، وعلى الجميع تخيل حجم المأساة الإِنسانية إذا اكتملت الحُمى الدينية في دول الغيبيات فاقدة الوعي.
لا بد للشيعة العرب من التحول إلى مقاوم لأنهم إن لم يفعلوا ذلك فإنهم سيتحولون إلى ضحايا، الصراع الآن قومي، نزاع هويات، الولاء للوطن صار تهمة في ظل سيطرة الحوثيين على أجزاء واسعة من مناطق أعالي اليمن، لهذا وجبت مقاومة المد الإيراني في الجبال اليمنية الوعرة.
الرئيس المخلوع «علي عبد الله صالح» في خطابه الأخير تميز بارتفاع نبرته وتشنجه، وقد دام لأكثر من ربع ساعة قاطع إعلام الحوثيين كل ما قاله الرئيس صالح، وبدأ خلافهما يظهر إلى العلن، وفي اعتقادي أن كسب معركة اليمن وحسمها يأتي بإعادة ترتيب أوراق التحالف العربي ليشمل القطاعات السياسية والإعلامية والثقافية، واعتبار الرياض مرتكزاً عربياً واضحاً لإدارة المعركة وحشد الطاقات العربية التي تمثل اليمن فيها الرمزية المعنوية الهائلة، وهي اليوم تقود المعركة نيابة عن العرب والإِنسان، ويجب أن تتخلى بعض الدول عن تحفظها في المشاركة في مهمة إنقاذ اليمن وكسر شوكة الخلية الإيرانية الحوثية تمهيداً لانتصار الهوية العربية، وتعزيز مبدأ صراع البقاء والوجود الوطني، وإعادة الشرعية إلى البلاد.
** **
كاتب وصحفي يمني - مدير عام الإدارة العامة للإعلام بجامعة ذمار اليمنية