د.عبدالعزيز الجار الله
عاصفة الحزم هي عاصفة القرار السياسي والعسكري، و هي أيضا عاصفة لحروب ومواجهات اجتماعية وثقافية وإعلامية طويلة، كان المواطن الخليجي ينظر إلى الإرهاصات التي سبقت العاصفة بنوع من الغصة دون أن يقوى على المواجهة أو حتى التعبير تجاهها حتى لا يتهم بالطائفية أو إقصاء الآخر، إيران استغلت (غفلة) دول مجلس التعاون الخليجي وسماحة هذه الدول وربما (تواضعها)، فمكنت كوادر من المتعاطفين مع الموقف الإيراني السياسي والمذهبي والعرقي الفارسي، وهم عرب لهم الميل والهوى والتوجه الإيراني من لبنان وسورية والعراق متشبعون بالولاء الإيراني منذ بداية الثورة في طهران عام 1979م، فمكنتهم في مواقعهم الحيوية، فتغلغلوا في وزارات وهيئات ومؤسسات إعلام دول مجلس التعاون الخليجي، حتى استحوذوا على المناصب والقرار الإداري والفني.
لا أحد يعلن صراحة أنه من كوادر حزب الله، لكنه بالممارسة المهنية يهدم بما يملك من معاول رسمية أي توجه أو ثقافة عروبية، ويوهن كل ميل للتقارب الخليجي بل يعمل بإخلاص لتقطيع روابط الخليج، والمحزن أن جميع مؤسسات الخليج العربي - دول مجلس التعاون الخليجي - فتحت لهم الأبواب تحت غطاء العروبة والإسلام ومقاومة إسرائيل، وتحت مظلة دول الخليج التي تفرق بين الطوائف والمذاهب، فحصلوا على تسهيلات ومنح دراسية للتعليم في أمريكا وأوروبا في المجالات العلمية - العلوم الطبيعية - والطب، ومجالات الإعلام والتسويق والإعلان والإدارة والقانون والمحاسبة، تمت عبر الأجهزة الحكومية رغم أنهم من غير مواطنيها، أو عبر جمعيات ومؤسسات أهلية خليجية وعربية.
عندما اعتبرت دول مجلس التعاون الخليجي (حزب الله) منظمة إرهابية، بدأت تتكشف للمسؤولين في الخليج أنّ إيران قد أغرقت الخليج العربي بفكر وشخصيات وكوادر ليست حزبية عسكرية، بل هي أخطر تعمل على الأيديولوجيا والتربية والثقافة، وتعمل من داخل المؤسسات الفكرية وقاعات الجامعات ومنابر الإعلام، ومن شللية الثقافة، وهي التي عملت ومنذ زمن على (تلميع) صورة إيران وتضخيمها عسكرياً، وإظهار المذهب الشيعي بصورة المقاوم والمناضل ضد الغرب وأطماعه، حتى جاء عام 2003م تبين أنهم باعوا العراق إلى إيران وأسقطوه، ووضحت أجندتهم، بل كشفوا عن وجههم الحقيقي في إغراق الخليج ودول مجلس التعاون بالتشيع والثقافة الفارسية وفرض الهيمنة السياسية الإيرانية، فجعلوا التشيع غطاء لاحتلال الأراضي والقرار الخليجي.