د.عبدالعزيز الجار الله
بعض القرارات السياسية رغم أن ظاهرها وتوجهاتها سياسية بحتة، لكن في مضمونها تنبع من المواقف الشعبية الصارمة، بل من المطالب الشعبية التي تلح في كل مرحلة من مراحل الصراع، القرار التي اتخذته بإجماع وأعلنه الأمين العام لمجلس التعاون الخليجي يوم الأربعاء الماضي : أن دول مجلس التعاون قررت اعتبار مليشيات حزب الله - بقادتها وفصائلها والتنظيمات التابعة لها والمنبثقة عنها - منظمة إرهابية. هذا القرار هو موقف شعبي لمعظم الشعوب الخليجية قبل أن يكون موقفا رسميا، فالمجتمع الخليجي العربي يعتبر حزب الله حزبا استفزازيا يتعمد استفزاز المجتمع الخليجي ويستهين به ويمس ويحط من كرامة ابناء الخليج، من خلال إهاناته المبرمجة عبر إعلامه المتغطرس وتصريحات قائده حسن نصرالله الذي مارس الكذب والدجل من نهاية الثمانينيات الميلادية مدعيا الحزب ونصر الله أنه يتسلح ويحارب إسرائيل وبالواقع كان يستعد للسيطرة الكاملة على لبنان ليصبح لبنان مع سوريا والعراق أكبر مثلث شيعي بالوطن العربي، وبالواقع ليس المثلث الشيعي وإنما الاحتلال الإيراني لهذه الدول وجعلها على الأقل نسخة من حزب الله أو صورة أخرى من واقع العراق اليوم.
الربيع العربي في البداية رحب به المواطن العربي باعتباره خطوة تصحيحية لفك قبضة العسكر في تونس ومصر وليبيا واليمن، قبل أن ينقلب الربيع ليصبح مشروعا لتخريب الوطن العربي، وهدم ما بناه المواطن العربي حتى وصل لمرحلة التقسيم الجغرافي والسكاني والفرز المذهبي بهدف التفكيك، هذا الربيع تلقفته إيران معتقدة أن الفرصة جاءت لها على طبق من ذهب للانقضاض على من في جوارها من دول الخليج العراق والبحرين، والنفوذ إلى داخل مفاصل دولتي اليمن والكويت والمزيد من النفوذ في سوريا وحتى في المغرب العربي، لذا سرعت في خطواتها وكشفت عن نفسها بإعلان أربع عواصم عربية تدور في فلكها وفلك المذهب الشيعي والثقافة الفارسية، استمرت هذه الانتصارات من بداية الربيع العربي 2010م حتى جاءت عاصفة الحزم مارس 2015م التي كسرت (ظهر) الطموح الإيراني وأوقفت تطلعاته وتداعياته.
المجتمع الخليجي تحمل الإهانات من إيران وبالذات من الاحزاب والمنظمات والشخصيات العربية ذات الصبغة والهوى الإيراني، وصلت بهم الحال للشتم العلني والمباشر وعلى المنابر العربية الرسمية دون خوف أو حياء، وتمادوا في الدعم المالي وإلقاء الندوات والدعم المجاهر لحزب الله حتى عندما دخل الحزب الحرب في سوريا لقتل الشعب السوري وبالذات أهل السنة.
صورة بغيضة من حزب الله أن يشتم المجتمع الخليجي ويستهين بالسياسة الخليجية ونبقيه يصول ويجول في إعلامنا وفي البنوك ومؤسساتنا المالية ولقاءاتنا الثقافية ويتسللون إلى مناهجنا الدراسية دون أي إجراءات، لكن موقف المجلس الخليجي اعتبار حزب الله منظمة إرهابية هو البداية إلى إعادة الكرامة لأبناء المجلس، ووقف الشتم الهادر، والازدراء المنفلت من إيران، وصراخ حسن نصر الله وكوادر حزبه والبذاءات التي تكال إلينا من وسط إعلامنا في الخليج والمحطات الفارسية الناطقة بالعربية.