سلمان بن محمد العُمري
تشارك المملكة سنوياً في أكثر من خمسة وعشرين معرضاً دولياً للكتاب من الصين شرقاً إلى الولايات المتحدة الأمريكية غرباً. وهذه المعارض لا تشكّل سوى 30% من معارض الكتب الدولية الدورية المعتمدة، ومع هذا فإن مشاركاتنا في هذه المعارض ما زالت دون المستوى المطلوب والمؤمّل؛ علماً بأن بعض المعارض تشارك فيها أكثر من عشرين جهة حكومية. والمشاركات السابقة كانت المملكة العربية السعودية ضيف شرف في عدد من المعارض الدولية وصلت إلى قرابة عشرة معارض في كلٍّ من (طوكيو، براغ، الشارقة، الدار البيضاء، سيئول، بكين، فيينا، جاكرتا، القاهرة، مدريد).
ولكن للأسف لم نستطع عبر هذه المشاركات حتى ونحن ضيوف شرف أن نقدّم للعالم صورة جيّدة ومناسبة عن النهضة الشاملة بوجه عام والثقافية والعلمية بوجه خاص، والدليل أن الطلب على كتب الأدباء والمثقفين السعوديين دون المستوى المطلوب، ويبرز في المقام الأول الكتب الدينية التي ألّفها علماؤنا ومشايخنا وأهل العلم والفضل أو الكتب التي قاموا بتحقيقها، وأما النتاج الأدبي والعلمي والثقافي الآخر فهو غائب عن الساحة ولم تستطع تقديم أدبائنا ومثقفينا في هذه الملتقيات الثقافية، ونعرّف الناشرين بهم، ونقدّمهم للقرّاء. ولم نستطع بناء جسور أدبية وعلمية وفكرية وثقافية في هذه المحافل.
وفي وقت انفجرت فيه المعلومات وتدفّقت عبر الوسائط الالكترونية برزت مشاكل إعلامية وفكرية وثقافية انصهرت جميعاً في خلق (الإسلام فوبيا) لدى الغرب وشوّهت صورة الإسلام والمسلمين بوجه عام وإلى المملكة العربية السعودية بوجه خاص وطاشت سهام الحاقدين والمتربصين ليلصقوا بنا وبمناهجنا العديد من الأحداث الإرهابية، كل هذا الموج الهادر من الأراجيف والكذب لا يقابله مع الأسف جهد ثقافي وإعلامي في معارض الكتب وهي وسيلة للتواصل مع النخب العلمية والمثقفين عبر التبادل المعرفي لم نستفد منها في التعريف بمناهجنا وما عليه علماؤنا وقيادتنا الرشيدة الراشدة من دعوة للسلم والسلام والتعايش الحضاري ونبذ للغلو والتطرف والإرهاب والدعوة للوسطية والاعتدال، وكان التركيز على مواضيع هامشية وأسماء محدّدة فلم ندرك مبتغانا ولم نحقّق أهدافنا إن كان هناك ثمّة أهداف مرسومة!!
وما يجده الزائر لجناح المملكة العربية السعودية من مطبوعات مجمع الملك فهد من مصاحف وتراجم لمعاني القرآن الكريم وكتب أخرى لبعض القطاعات الدينية هو بصيص الأمل في المشاركات الإيجابية في هذه المعارض، وما زلنا بحاجة إلى جهد جماعي من جميع الجهات في أن تكون المشاركات في المعارض الخارجية فعّالة وإيجابيّة، وهذا لن يتأتى إلا من خلال تقويم الأداء والأثر الإيجابي لها. وما العوائق التي تحول دون الاستفادة التامة من المعارض ثم تكوين لجنة متابعة دائمة من عدد من الجهات تدرس في كل عام التقارير الخاصة بكل معرض من المعارض ومرئيات الجهات المشاركة.
إنّ من التباين العجيب في مشاركتنا في معارض الكتب أن هناك جهة حكومية تشرف على معارض الكتب في الخارج وجهة حكومية أخرى تشرف على معارض الكتب في الداخل (الرياض - جدة) وهذا التباين في الإشراف والازدواجية سيجعل الاستفادة من تجارب الآخرين معدومة وقليلة، والحل هو في توحيد جهة الإشراف على معارض الكتب في الداخل والخارج وألا تعمل بمفردها بل عن طريق لجنة دائمة مكوّنة من الجهات ذات العلاقة.