سلمان بن محمد العُمري
طرح الأمير سلطان بن سلمان رئيس جمعية الأطفال المعوقين كلمة «ذوي القدرات الخاصة» بدلاً من تسمية المعوقين أو ذوي الاحتياجات الخاصة، وهو كلام جانبه الصواب لأن فيه جانبا نفسيا لابد من مراعاته لهذه الفئة الغالية على قلوبنا، والعامل النفسي للأصحّاء أمر مطلوب ومهم، فما بالك لمن لديهم إعاقات جسدية فإنهم يحتاجون للعامل النفسي أكثر من غيرهم. ويحتاجون إلى من يشجعهم ويدفعهم للسير قدماً في المجتمع، والعمل في مناحي الحياة بما يتوافق مع إمكاناتهم وقدراتهم.
إن قضية المعوقين في المملكة من القضايا المهمة التي أولتها الدولة الرعاية والاهتمام، على الرغم مما يبذل فإننا نحتاج إلى تضافر جهود أكثر وأكبر؛ لأن القضية تمثل هاجساً وطنياً يتوجب التعاون والتنسيق مع مزيد من العمل المتواصل للحد من تنامي ظاهرة الإعاقة من كافة الوجوه.
وزارة الشؤون الاجتماعية تقدّم خدمات إلى أكثر من 480 ألف حالة مستفيدة من الإعانات المالية لذوي الإعاقة، و 128 مركزاً خاصاً لرعاية ذوي الاحتياجات الخاصة يستفيد منها 9800 شخص منهم فئة التوحّد.
وتقدّر تكلفة الطفل من ذوي الإعاقة في جمعية الأطفال المعوقين تصل إلى 100 ألف ريال سنوياً. والجمعية لا تستطيع ضم كل المعوقين في المملكة إليها على الرغم من جهودها الرامية في استقطاب أكبر عدد ممكن، ووضع برامج لجلب الأموال من المتبرعين ومشروعات استثمارية وقفية!!
إننا نلاحظ كيف أن بعض البشر من أصقاع الأرض المختلفة أفراداً وحكومات يتسابقون ليبرزوا اهتمامهم بالإعاقة، ويضعوا القوانين، ويشيروا إلينا بأصابع الاتهام بشكل مباشر، أو غير مباشر، لعدم اهتمامنا ببعض القضايا الإنسانية وحقوق الإنسان، وهم يعرفون بطلان دعواهم وزيف شكواهم، ولكنه الحقد على الإسلام وأهله.
لقد احترم الإسلام الإعاقة كقدر وواقع لا يسيء للإنسان، ودعا المعوق لتقبل حالته، واعتبارها قدراً من الله تعالى، حيث يقول تعالى في كتابه العزيز: {مَا أَصَابَ مِن مُّصِيبَةٍ فِي الأرْضِ وَلا فِي أَنفُسِكُمْ إِلا فِي كِتَابٍ مِّن قَبْلِ أَن نَّبْرَأَهَا إِنَّ ذَلِكَ عَلَى اللَّهِ يَسِيرٌ}.
والإسلام شدد على النهي عن السخرية من المعوق، واعتبر ذلك من أنواع الظلم والعياذ بالله، كما حرم الإسلام كل ما يضر ويؤذي البدن وما قد يؤدي بالتالي لبعض الإعاقات.
وهناك أمثلة كثيرة وعديدة في التاريخ الإسلامي على الاهتمام البالغ بالمعاقين، وقضية الإعاقة بالإضافة لتعامل الإنسان كإنسان مكون من جسد وروح وحسب ونسب وعواطف وآمال وآلام وغير ذلك بشكل شمولي، وبالإضافة إلى أنه أيضاً حث الإسلام على فعل الخير والصدقات وما إلى ذلك من أعمال تزيد لحمة المجتمع متانة، وتكافله وتضامنه قوة.
إن المملكة العربية السعودية منذ نشأتها ترفع راية التوحيد، وتقوم على دستور هو الإسلام الصحيح، ونفذت ذلك قولاً وفعلاً، وعلى كافة الأصعدة الفردية والاجتماعية والحكومية، فكانت المثال في هذا العالم للمجتمع المسلم، ولذلك لا عجب أن نرى العديد من الهيئات والمؤسسات والجمعيات التي تهتم بقضية الإعاقة والمعاقين تنتشر في ربوع وطننا المعطاء.
إن من دواعي السرور والفرح أن نرى العديد من الندوات والمؤتمرات والاجتماعات التي لها علاقة بشكل أو بآخر بقضية الإعاقة تعقد في رحابنا، وذلك لبحث العلاقة الوطيدة بين الإسلام والعلاقة بكل أشكالها وتاريخها وكل ما يتعلق بها، وفي هذا دعم لقضية الإعاقة، وإظهار لحقيقة موقف الإسلام الناصع البياض في هذا المجال.
وإنه لحري بالوزارات المعنية أن تبادر إلى تنظيم مثل هذه المناشط العلمية، ومن بين الجهات المعنية وزارة الشؤون الاجتماعية، بحيث تقوم بتبني فكرة كهذه، وتدعو لها سائر المهتمين في هذا المجال من علماء وفقهاء وأطباء وأساتذة وباحثين وعاملين في مجال الإعاقة، ويكون ذلك بالتعاون والمشاركة مع الوزارات، والهيئات، والمؤسسات، والجمعيات العاملة في مجال الإعاقة، ويمكن دعوة القطاع الخاص من أجل الدعم المادي وكلنا ثقة بأنه سيلبي الدعوة والنداء، إنها مجرد فكرة، وأحسبها تستحق التفكير فيها.