محمد الخنيفر
كانت قاعة المؤتمر في ذلك الصباح بولاية هيوستن مكتظة بالمئات من المديرين التنفيذيين، من مختلف الجنسيات، في صناعة الطاقة العالمية. الغالبية العظمى منهم اضطرت أن تقف (لامتلاء المقاعد). جاءوا لسماع أحد أقوى أصوات منظمة أوبك. جاءوا لسماع من تم ترجمة حديثه إلى الروسية والصينية. وكل هؤلاء كان لديهم غاية واحدة. وهي سماع ماذا سوف يقوله هذا الشخص الذي «قلب حياتهم رأس على عقب».
**
ولتكون الأمور واضحة: فإن الفائض النفطي لم تكن وراءه السعودية، بل كانت وراءه «أسعار النفط العالية» التي جعلت كل برميل نفط موجود على الأرض يذهب للسوق. وروى النعيمي تلك اللحظات عندما اجتمعت أوبك مع منتجي النفط من خارج منظمتها في 2014».
اجتمعنا معهم وقلنا لهم (أي النعيمي) ماذا أنتم فاعلون (لمعالجة هذا الفائض)؟ فقالوا لا شيء. فقلنا لهم انتهى الاجتماع!». وبعد هذا الاجتماع قررت السعودية عدم خفض إنتاجها وجعل المنتجين يتنافسون مع بعضهم البعض. وأصبحت تلك الإستراتيجية بمثابة الجحيم لولاية ألبيرتا (عاصمة النفط الكندية) وقادة إلى عمليــات تسريح بالمئات.
**
هذا هو النعيمي كما رأته الصحفية الكندية «تريسي جونسون». تريسي عنونة مقالتها بـ»وزير النفط السعودي يوجه رسالة وحيدة لمنتجي النفط عالي التكلفة: أخرجوا من السوق! فلم يعد لديكم مستقبل». وهذه هي الرسالة التي خشى التنفيذيون الأمريكان بتكساس من سماعها. لم أشأ أن أتحدث عن الشخص الذي سيتذكره السعوديون والعالم لعقود طويلة. لم تستطع كلماتي أن تتفوق على ما كتبته تلك الصحفية الغربية عن وزير نفطنا العزيز.
**
صــحـيح أنـنا كسعوديين سنعيش فترة مليئة بالتحديات ولكنها ستكون مفيدة للأجيال التي سوف تأتي من بعدنا. فهذه السياسة النفطية التي نسير عليها ستقوض الاستثمارات النفطية عالية التكلفة ولن تلقى هذه الاستثمارات دعما من المستثمرين بعد الآن. ومن شأن ذلك أن يمنع دخول طاقة إنتاجية جديدة للسوق مما سينعكس إيجابيا على السعودية ودول أوبك. وبخلاف ذلك «فقرصة الأذن» التي نمر بها الآن ساهمت في ضخ مبادرات الإصلاح الاقتصادي والنظر بجدية في تنويع مصادر الدخل لدينا. فاستطعنا أن ننجز في سنتين ما فشلنا في تحقيقه خلال 10 إلى 20 سنة.
- مراقب ومدقق شرعي معتمد من (AAOIFI) ومتخصص في هيكلة الصكوك وخبير مالية إسلامية لصالح مؤسسة دولية متعددة الأطراف