هاني سالم مسهور
بعد صبر طويل اتخذت المجموعة الخليجية قرارا سيحمل تبعات كبيرة في ملفات مختلفة، فلن يكون لبنان سوى جزء منها، إعلان «حزب الله» بكافة قادته وفصائله والتنظيمات التابعة له والمنبثقة عنه، منظمة إرهابية يعني أن مواجهة أخرى ضد واحدة من الجماعات الإرهابية تضاف إلى سلسلة من تلك التنظيمات التي حاولت منذ عقود ضرب الأمن والاستقرار للمنظومة الخليجية وتهديد محيطها الإقليمي.
السعودية لطالما طالبت القوى في لبنان بالتحرك الفعّال ضد المشروع التدميري واستعادة لبنان، وعدم الاقتصار على البيانات والتصريحات الكلامية، وفيما ظلت الرياض تحافظ على شعرة معاوية مع لبنان، كان حزب الله يتدخل بشكل سافر في سوريا واليمن بل ويثبت تورطه الكامل في الحرب مع الحوثيين على حدود المملكة الجنوبية.
مساواة «حزب الله» بالتنظيمات الإرهابية «داعش» و«القاعدة» و«الحوثي» والتي تقود فيه المملكة إلى جانب حلفائها عربياً وإسلامياً حرباً شاملة على العناصر والأنشطة الإرهابية التي يقومون بها بهدف زعزعة استقرار دول المنطقة، ومحاولة بث سموم الطائفية على تلك المجتمعات، وللتدليل على أن تلازمية المد الطائفي الإيراني وتحركه ككل مترابط ببعضه البعض في المحيط العربي، تأكيدات الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي عن احتجاز جنود من الحرس الثوري الإيراني وحزب الله اللبناني لدى القوات التابعة للشرعية اليمنية، وكذلك المقاومة الجنوبية.
في هذا الإطار لا يجب تجاهل التورط لـ «حزب الله» اللبناني في إدارة امبراطورية الإتجار بالمخدرات في العالم، فهذا الحزب يدير شبكات واسعة تقوم بزراعة وإنتاج المخدرات وتصديرها بواسطة شبكات معقدة، وتنشط في أمريكا الجنوبية والوسطى والمكسيك وآسيا وغرب افريقيا، ودول الشرق الأوسط كذلك.
كشفت مكافحة المخدرات في السعودية أن عمليات الضبط الأخيرة من أقراص الأميتامين كان مصدرها لبنان، وضبطت كميات عبر منافذ المملكة البحرية في البحر الأحمر، في سياق هذا التورط فإن قضية منظورة أمام القضاء اللبناني تثبت تورط شقيقي نائب «حزب الله» حسين الموسوي وهاشم الموسوي في إدارة معمل لتصنيع الكبتاجون في الضاحية الجنوبية بالعاصمة اللبنانية بيروت، ويمارس «حزب الله» ضغطاً لمنع التحقيق في القضية خوفاً من الكشف عن المزيد من المعلومات التي قد تزج بأسماء أخرى من قيادات «حزب الله».
ويستخدم «حزب الله» عوائد المخدرات في تمويل أعماله الإرهابية فاعتمد الحزب منذ تأسيسه عليها كمصدر مالي مهم، وقد أكدت تحقيقات المانية في 2008م دلائل تؤكد تمويل «حزب الله» لعملياته في أوروبا من تجارة المخدرات وغسيل الأموال، فلقد تم ضبط أكثر من ثمانية ملايين يورو في أمتعة عدد من اللبنانيين، وكانت تلك التحقيقات قد توصلت إلى شبكة لـ«حزب الله» تعمل على تهريب أموال الاتجار بالمخدرات من مدن ألمانية إلى العاصمة اللبنانية بيروت.
يضاف إلى هذا ما تكشف أخيراً عن مدى تورط «حزب الله» في تقديم الدعم المالي واللوجستي إضافة إلى التدريب العسكري وصناعة المتفجرات لمليشيات الحوثيين في اليمن، وقد عرفت الأراضي اليمنية منذ سنوات نشاطاً استخباراتياً إيرانياً مهد عملياً لكل الأحداث التي توالت في اليمن منذ تحرك المليشيات الحوثية من صعدة - شمال اليمن - حتى وصلت إلى المحافظات الجنوبية.
هذه الجرائم التي بدأت منذ نشأة «حزب الله» في العام 1982م برعاية ايرانية بلغت حدوداً واسعة في الجريمة وتنوعت بين سياسية وعسكرية واستخباراتية وتجسسية وصبت في إطار واحد هو استهداف البلدان العربية وتمهيد هذه البلدان للتوسع الإيراني الطائفي في الدول العربية التي غرقت في حمامات الدم نتيجة الأساليب التي استخدمتها ايران عبر أذرعتها النشطة في العراق وسوريا واليمن ولبنان.
التصعيد الخليجي حيال «حزب الله» اللبناني بتصنيفه منظمة إرهابية يعني أن على دول الخليج العربية مع المنظومة العربية أن تعمل بكافة مؤسساتها القضائية والقانونية والاقتصادية قبل السياسية لتجريم «حزب الله» وملاحقته على مختلف المستويات ومحاصرته من خلال تحرك فاعل ومنظم لمحاصرته ثم اقتلاعه كاملاً من الأرض العربية.
يتعين على القوى اللبنانية السياسية أن تتحمل هي الأخرى مسؤوليتها من خلال التخلي عن الأساليب التي لم تجدِ مع «حزب الله» بل للأسف استطاع أن يسقط الدولة اللبنانية في قبضته قبل أن تعلن ايران اختطاف بيروت، فكما يمتلك اليمنيون أدلة تثبت الإدانة وبها يتوجه اليمنيون إلى مجلس الأمن الدولي وإلى محكمة الجنايات الدولية لمقاضاة الحزب الذي أسهم في تدمير اليمن فلدى تلك القوى في لبنان ملف محاكمة قتلة رئيس الوزراء الأسبق «رفيق الحريري» الذي يجب أن يدفع به ليشكل ضغطاً آخر على حزب لم يعد من القبول غير اقتلاعه من بلاد العرب.