جاسر عبدالعزيز الجاسر
جال وفد من اللبنانيين المقيمين والعاملين في المملكة العربية السعودية على مقرات الصحف ومكاتبها في الرياض، وهو جهد إعلامي وسياسي واقتصادي مطلوب في هذه المرحلة للحفاظ على مصالح اللبنانيين أولاً، ولمصلحة لبنان ثانياً، ولتحصين العلاقات اللبنانية السعودية. ولنا ملاحظات عن هذه الجهود التي نراها جهوداً إيجابية، وأكثر إيجابية إن تركزت على الداخل اللبناني، والبداية:
1- فإذا بدأت فإن التوجه إلى الرأي العام السعودي من خلال الصحف المحلية ومكاتب صحيفتين دوليتين جيد، إلا أنه لا يضيف شيئاً، لأن السعوديين جميعاً لا يريدون مقاطعة مع لبنان، بل يسعون جميعاً لتمتين العلاقة وتحصين لبنان من اختطافه وإبعاده عن محيطه العربي، كما حصل في سوريا وما يراد للعراق. ولذلك فإن التوجه للرأي العام السعودي لا يخدم القضية اللبنانية التي يفترض أن توجه للداخل، وإقناع من يناصرون حزب حسن نصر الله ومنهم من يقيم ويعيش على خيرات السعودية ودول الخليج العربية، ومن يدعم ميشال عون الذي لا قضية له سوى الوصول إلى قصر الرئاسة. فالضغط على نصر الله وعون هو الذي يحصِّن لبنان ويحمي انتماءه العربي، أما التوجه إلى الرأي العام السعودي والخليجي فلن يجدي نفعاً لأن السعوديين والخليجيين لا خوف منهم على اللبنانيين الذين لن يمسهم ضرر، وما يبثه مجلس الوزراء في المملكة العربية السعودية يؤكد هذه القراءة، والسعوديون بالذات مع مراجعة العلاقات مع لبنان، إذ هو مطب شعبي قرأته القيادة السعودية وبدأت به، وعلى اللبنانيين جميعاً سواء في داخل لبنان أو خارجه أن يتأكدوا بأن سياسة اليد المفتوحة لن تستمر، وأن من يعتقد أن السعودية ستظل تتحمل أفعال السفهاء، وترهيبها المظاهرات والشتائم وأفعال ملالي إيران الذين يحمل بعضهم ألقاب وزراء وسفراء لن تثنيها من مواصلة إجراءاتها التي تتناسب مع حجم الضرر الذي يصر عملاء طهران على القيام به.
2- على ضوء ذلك كان الأجدر بالإخوة اللبنانيين أن يوجهوا جهودهم إلى الداخل اللبناني، فالسعودية ودول الخليج العربية لم يسيئوا إلى لبنان واللبنانيين، ولم يتخذوا مواقف عدائية ضده، كمواقف وزير خارجية لبنان وضعف حكومة تمام سلام، وبقاء هذا الوزير الذي ينطق بلسان حزب وكتلته تأيداً لنظام معاد لكل العرب.
وعليه كان الواجب من اللبنانيين الساعين لتحصين بلادهم والحفاظ على مصالحهم ووضعهم في السعودية ودول الخليج العربية أن يوجهوا جهودهم داخل لبنان وباتجاه الجهات والأحزاب والأشخاص الذين يعملون لصالح الجهات والدول التي تضر بلبنان ومصالحهم. ونحن هنا لا نتحدث عن وفود الدعم والتأييد التي قام بها اللبنانييون وزاروا السفارة السعودية، ومواقف الشخصيات اللبنانية المعروفة بمواقفها العربية الثابتة، ولكن باتجاه من تسببوا في أزمة العلاقات مع السعودية ودول الخليج العربية، وأن يساعدوا على إلجام من يعملون ضد بلادهم ومصالحهم.
لم نر أي وفود ولا حتى أصوات في لبنان تحدثت عن تغول لبنان وجحود عون وخروج وئام وهاب على الآداب، هؤلاء الذين يسيئون يومياً إلى السعودية والخليجيين والعرب هم من يجب أن تتوجه إليهم الوفود وتضغط عليهم ليصمتوا أو يقولوا خيراً إن هم أرادوا مصلحة لبنان واللبنانيين العاملين في السعودية والخليج العربي.
واللبنانيون هنا وفي دول الخليج لا خوف عليهم فهم بين أشقائهم، وإنما عليهم واجب ردع الأشقاء الذين يدمرون مصالحهم مثلما دمروا بلادهم.