جاسر عبدالعزيز الجاسر
قامت طائرات نظام بشار الأسد برمي منشورات أثناء تحليقها في أجواء ريف دمشق تتضمن مطالبة النظام بمواجهة ما أسمتهم بالغرباء الذين كانوا السبب في ما حدث من قتل وتشريد.
والغرباء الذين تدفقوا على الأراضي السورية يكادون أن يتجاوزوا السوريين أنفسهم، وهم واقع جاء نتيجة لما قام به نظام بشار الأسد قبل اندلاع الثورة السورية وبعدها، فقبل الثورة السورية كانت المخابرات السورية تسهل قدوم المتشددين والمقاتلين إلى سورية وإيصالهم إلى العراق، وقد تخصصت جماعات سورية جمعت خليطاً غريباً من المخابرات السورية والجماعات المتشددة من أحزاب الإسلام السياسي الذين طوروا عملية انتقال المقاتلين من «المجاهدين» إلى العراق، ثم تطورت العملية لتصبح تجارة تخصصت في نقل المقاتلين، بل وحتى بيعهم؛ فمقابل بضع مئات من الدولارات كان «المجاهدون» ينتقلون من جبهة إلى أخرى، ولا مانع في تسليمهم إلى الجانب العراقي، الذي قدم منهم الكثير إلى المحاكمات بتهمة اختراق الحدود.
من هذه المجاميع ومن جماعات الإسلام السياسي الذين استطاع نظام بشار الأسد اختراقهم تم استيراد العديد من الغرباء من شمال إفريقيا حتى شمال أوروبا؛ فبالإضافة إلى مقاتلين من الدنمارك يتواجد متشددون من الشيشان والقوقاز فضلاً عن الفارين من تونس ومصر والجزائر إضافة إلى الخليجيين، فكل من يفر من بلده يجد في سوريا حضناً إرهابياً يحتضنه، ومن كلا الجانبين فهؤلاء الفارون من بلدانهم يقابلهم أعداد يفوقونهم عدة وعدداً من الذين استقدمهم نظام بشار الأسد وسهل وصولهم، بل فضلهم على المواطنين السوريين حتى أصبحوا هم الناهين الآمرين، وتشير المعلومات التي أكدها بشار الأسد نفسه أن كثيراً منهم منح الجنسية السورية وفق نظرية بشار «من يدافع عن سوريا يستحق جنسيتها»، وقد حصل على هذه الجنسية آلاف الإيرانيين والأفغان وجميعهم من المكون الطائفي الذي ينتمي إليه بشار الأسد.
وغرباء سوريا الذين استقدمهم بشار الأسد لحماية نظامه، يضمون عشرات الآلاف من جند حسن نصر الله الذين يقاتلون تحت راية حزب الشيطان، ومثلهم جنود الحرس الثوري الإيرانيون، إضافة إلى هؤلاء هناك عشرات الآلاف من المليشيات العراقية التي تضم خليطاً من الإرهابيين العراقيين الذين يتبعون الأحزاب والتنظيمات الطائفية، وتشير الإحصائيات إلى أن أعدادهم كبيرة ويتحركون في دمشق وضواحيها، وأنهم قد يصلون إلى أكثر من مئة ألف مقاتل، وبعدهم يتواجد الأفغان، وهم من كانوا لاجئين في إيران تم استقطابهم بتدريبهم وإغرائهم بدفع مبالغ مالية ليقاتلوا في سوريا، وهم جميعاً من مكون طائفي مؤيد لنظام ملالي إيران وعددهم يتزايد حيث يعمل الإيرانيون على تجنيد جميع الأفغان المتواجدين في إيران وإرسالهم إلى سوريا وبعدهم يأتي الباكستانيون والهنود من معتنقي المذهب الشيعي، وهؤلاء يشكلون كتيبة تتمركز وسط دمشق، وهي في تزايد نتيجة نشاط المخابرات الإيرانية في تجنيد الباكستانيين والهنود الشيعة وإرسالهم إلى سوريا.
كل هذا الخليط الطائفي من لبنان وإيران والعراق وأفغانستان وباكستان والهند وبضع مئات من البحرين واليمن يبلغ عدد الفرقاء الطائفيين قرابة المليون، الذين أخذوا مكان الملايين من السوريين الذين أخرجوا من بلادهم طلباً للجوء في بلدان العالم والآخرون مهجرون، ومع هذا لا يخجل بشار الأسد ونظامه وهو يطالب بإخراج الغرباء من سوريا.
مطلب عادل أريد به باطل، والعدل أن تطرد سوريا جميع الغرباء أياً كان مصدرهم، وتبقى سوريا نظيفة من الغرباء أيا كان انتماؤهم المذهبي أو القومي، إذ يجب أن تكون سوريا نظيفة إلا من أبنائها.