د. عبدالرحمن الشلاش
في كل عملية غدر جديدة يقوم بها داعشي أو مجموعة من الدواعش ضد أحد أقاربهم، أو أحد رجال الأمن، أو تفجيرهم لأحد المساجد وقتل عشرات المصلين نتسمر في أماكننا نتسآل في كل مرة من أين جاء هؤلاء الدواعش؟ هل تسللوا من دول أخرى؟ أم أنهم قد هبطوا علينا من أي كوكب وليكن من المريخ ؟
في كل مرة نظل نلف وندور وتكثر الأحاديث والبعض يتهم والبعض الآخر يبرر لتكتشف قوات أمننا اليقظة أن الدواعش المجرمين القتلة بعد أن قبضت عليهم وأوثقتهم من شباب هذا البلد، ولدوا وتربوا وتعلموا فيه، وبعضهم توظفوا أو اشتغلوا في أعمال حرة فكيف ضيعوا المنهج الصحيح وانحرفوا عن جادة الصواب، هل تاهوا عن الطريق واعتنقوا فكر داعش الخارجي لمجرد أن تابعوا بعض الحسابات في الانترنت، خاصة وأن فيهم شباب أعمارهم تزيد عن الثلاثين ومثل هؤلاء مفترض أن لديهم حصانة فكرية خاصة وأن فيهم من لديهم قدرا من العلم ومنهم أطباء، وليس من السهولة أن تغسل أدمغتهم بتغريدات مهما بلغت من القوة والبيان، أو أحاديث في العالم الافتراضي ؟
تعدى الفكر الداعشي مجرد قتل عامة الناس إلى قتل الأقارب، حدث هذا في الرياض حين قتل شاب من الدواعش خاله الذي رباه، وحدث في حائل عندما قتل داعشي أبن عمه بعد أن استدرجه إلى البر وغدر به في فاجعة هزت المجتمع السعودي، وقبل أن تبرد آثار الجريمة الأخيرة أقدم ستة دواعش على قتل أبن عمهم رجل الأمن الأمين بدر الرشيدي رحمه الله وغفر له وجعل الجنة مثواه بعد أن استدرجوه لمكان خالي في منطقة القصيم بين مدينتي بريدة وعنيزة وغدروا به في وقت لم تنفع فيه توسلاته أمام عتاة مجرمين غسلت أدمغتهم وامتلأت صدروهم بالحقد والكراهية !
قتل الأقارب غدرا وغيلة يعتبرونه جهادا، والغريب أن البعيد المدعو البغدادي يعتبرونه ولي أمرهم يخدمونه كالعبيد وينفذون أجندته الخفية وكأنهم قطيع يساق بلا إرادة فمن الذي أوصلهم إلى هذه الحال المزرية؟ قد نتفق على تأثير الحسابات الداعشية وبعض الحسابات الوهمية المعادية التي تعمل دون كلل لغسل عقول الشباب وتحويلهم لأدوات خطرة ضد وطنهم، لكن هذه المواقع الافتراضية مهما بلغ تأثيرها فلن تتمكن من تحقيق أهدافها ما لم تجد الأرضية التي تساعدها وأعني استعداد تلك العقول للتقبل ثم بعد ذلك التأثر والاندفاع بحماس فلماذا نجد تلك الأرضية لدى شبابنا بصورة كبيرة بينما لا نجدها لدى شباب بعض الدول المجاورة إلا بشكل نادر؟
هنا في مجتمعنا دون غيره توجد أمور خاطئة تحتاج لعلاج سريع من خطاب يحرض على الكراهية وإقصاء الآخرين المخالفين وعدم تقبلهم والدعوة إلى نبذهم وعدم التعامل أو التعايش معهم والدعاء عليهم في كل وقت، وشيوخ أطلقوا فتاوى أجازت قتل المخالفين واستباحة دمائهم بدون وجه حق وصورت الجماعات الإرهابية المجرمة بأنها جماعات جهادية دون أن يجدوا من يجرم فتاواهم ويوقفهم عند حدودهم كي لا يدفعوا بمزيد من شبابنا إلى محرقة الإرهاب . لم يقتصر الأمر على المخالفين في المذهب بل وصل إلى تصنيف المجتمع إلى أتقياء وعصاة والدعوة لاستباحة دماء العصاة وقتلهم بما فيهم رجال الأمن.
بعد أن تم التعامل مع النتائج ألم يحن الوقت كي يتم التعامل مع المصانع التي تفرخ الإرهابيين؟