د. محمد عبدالله الخازم
هيئة التخصصـات الصحية أسست قبل أكثر من عشرين عاماً، كحلم شكل أحد أهم المنعطفات التاريخية في تطوير الخدمات الصحية بالمملكة- وقد حُمِلت العديد من المهام والأهداف المتشعبة والمتنوعة مثل:.
1 - وضع البرامج التخصصية الصحية المهنية وإقرارها والإشراف عليها
2 - وضع البرامج للتعليم الطبي المستمر في التخصصات الصحية...
3 - تشكيل المجالس العلمية الصحية واللجان الفرعية اللازمة...
4- الاعتراف بالمؤسسات الصحية لأغراض التدريب والتخصص فيها بعد تقويمها.
5 - الإشراف على الامتحانات التخصصية وإقرار نتائجها...
6 - إصدار الشهادات المهنية كالدبلومات والزمالات والعضويات...
7- التنسيق مع المجالس والهيئات والجمعيات والكليات المهنية الصحية الأخرى.
8 - وضع الأسس والمعايير لمزاولة المهن الصحية بما في ذلك أسس أخلاقيات المهنة.
9 - تقويم الشهادات الصحية ومعادلتها.
10 - تشجيع إعداد البحوث وإصدار مجلات أو دوريات خاصة بها.
11 - المشاركة في اقتراح الخطط العامة لإعداد وتطوير القوى العاملة الصحية.
12 -عقد الندوات والمؤتمرات الصحفية لمناقشة المشكلات الصحية...
13 - الموافقة على إنشاء الجمعيات العلمية للتخصصات الصحية.
لكن مالذي حدث للهيئة؟ لماذا جمد نظامها عند مراحل معينة ولم ينتقل للمستقبل...؟
أول ثغرة في موضوع الهيئة يكمن في نظامها الأساسي فبدلاً من أن تكون هيئة مستقلة لها جمعيتها العمومية التي تمثل كافة القطاعات والممارسين أصبحت مؤسسة بيروقراطية، ولم أر مسؤولاً صحياً يملك الشجاعة أو الرغبة في دفعها للاستقلالية.
أمر طبيعي أن يكون برستيج رئاسة الهيئة عنصراً جاذباً لوزراء الصحة الأطباء بحكم ما تضيفه من (برستيج) مهني للطبيب. لكن ماذا عن الوزراء الآخرين؟
إشكالية تتكرر في تأسيس الهيئات المهنية تتمثل في ربطها بالجهات التنفيذية.
في البداية يحتجون بحاجتها للدعم وبأن الأمر سيكون مرحلياً لكنهم ينسون لاحقاً التطوير وتصبح العلاقة أمرا مسلماً لا يمكن الفكاك منه، أو كما يقال (زواج كاثوليكي لا يمكن الانفصال منه).
الهيئة شبت عن الطوق، تمول نفسها ذاتياً عن طريق الرسوم والخدمات المختلفة لكنه يرأسها مسؤول تنفيذي. وزير الصحة. وليس لها جمعية عمومية أو نظام حوكمة صارم يمثله هؤلاء الذين تخدمهم. الهيئة يفترض أن تكون مؤسسة مجتمع مدني، طالما تمويلها غير حكومي وطالما هي معنية بالتصنيف والإعتماد والترخيص والتقييم، لكنهم جعلوها مؤسسة هجين، يسمونها مستقلة عندما لايريدون تمويلها ويعتبرونها ذراعاً صحياً لهم عندما يريدون السيطرة عليها.
اختلطت أدوار الهيئة بين تشريعي وتنفيذي ورقابي، وغابت المحاسبية تجاه المستفيدين والمجتمع المهني والعلمي.
إصلاح الهيئة. وأرجو أن يكون معالي وزير الصحة أجرأ من سابقيه في تبنيه. يبدأ باستقلاليتها وتكوين جمعيتها العمومية التي تنتخب مجلس إدارتها ومديرها التنفيذي. بل أعتبره لا يليق بوزير الصحة أن يترأس هيئة مهنية بسلطته الإدارية وهو غير متخصص مهنياً في المجال الصحي!
لقد ثبت فشل المجالس التي يشكل عضويتها ممثلي قطاعات صحية مثل المجلس الصحي السعودي أو مجلس هيئة التخصصات الصحية، لأسباب لا تتسع المساحة لشرحها، كما لا تتسع لإستعراض أمثلة لتاثر الهيئة بتوجهات رئاسة مجلسها. الجمعية العمومية للهيئة يجب أن يكون أعضاءها ممثلي الجامعات والقطاعات الصحية الحكومية والأهلية مع ضمان تمثيل مختلف التخصصات. نريد جمعية عمومية لا مانع أن يصل أعضاؤها مائة شخص أو أكثر، أحد مسؤولياتها انتخاب ومحاسبة مجلس إدارة الجمعية. وبدوره مجلس الإدارة سيكون مسؤولاً عن اختيار الجهاز التنفيذي للهيئة. المدير التنفيذي ونوابه.
هذه الخطوة الأولى نحو إيجاد منظومة رقابية مستقلة تتميز بنظام حوكمة متميز. تأتي بعد ذلك خطوات تطويرية أخرى من خلال مجلس الإدارة والجمعية العمومية.
الخطوة الأخرى المهمة تكمن في الفصل بين التدريب والترخيص والتصنيف و الاعتماد. لا يمكن للهيئة القيام بجميع تلك الأدوار بكفاءة وبالطريقة الحالية التي تقوم بها، ليس لنقص في الأموال أو لنقص في كفاءة الأشخاص، ولكن لأنها مهام تتعارض مع بعضها البعض والمنطق يفرض فصلها ليكون لوجود الهيئة معنىً حقيقياً، كمنظمة أو منظمات مستقلة تمثل أهل المهنة وتملك الإرادة للتشريع والاعتماد والرقابة والتقييم...