د. محمد عبدالله الخازم
كان لقاءً تلفزيونياً ممتعاً، ذلك الذي ظهر فيه رئيس رعاية الشباب الأمير عبدالله بن مساعد، في زمن يتجنب العديد من المسؤولين الخروج في لقاءات مفتوحة وشفافة مماثلة. الانطباع العام الذي خرج به المتابع هو حرص سمو رئيس رعاية الشباب على البحث عن الإنجاز وتركيزه على الجوانب الاقتصادية، بدليل التراجع عن تأسيس الملاعب الجديدة التي سبق وأن أمر بها الملك عبدالله بن عبدالعزيز - رحمه الله - أو تقليصه لبنود الصيانة، وغير ذلك من الأفكار المختلفة. وقد وضع أهدافاً واضحة لتحقيق الإنجاز على المستوى الأولمبي، رغم صعوبة ذلك كونها ليست مرتبطة جميعها بكفاءة العمل الإداري، بقدر ما تتداخل فيها ظروف متنوعة.
كتبت أكثر من مرة - كان آخرها قبل عامين تقريباً - حول تطوير رعاية الشباب، وكنت أخالف الغالبية التي تطالب بتحويلها إلى وزارة، مقترحاً تحويلها إلى هيئة، وفندت الأسباب العملية لذلك الاقتراح. وقد سعدت بتبني سمو رئيس رعاية الشباب لفكرة الهيئة كبديل للرئاسة وعدم قناعته بفكرة الوزارة رغم أنها تمنح سموه (برستيجا) أكبر من خلال الانضمام لمجلس الوزراء.
طرح سموه بعض الأفكار التنظيمية مثل تخفيض عدد الأندية، وشكل لجنة لدراسة الواقع، إلا أن سموه أوضح توجهات محددة بتقليص عدد الأندية دون انتظار نتائج الدراسة. تبدو مهمة اللجنة تبرير أو وضع الإطار المناسب لتخفيض عدد الأندية، وهنا لا تصبح دراساتها وآراءها محايدة مفتوحة نتائجها على مختلف الاحتمالات والتوصيات. أنا أعتقد أن هناك حاجة لمراجعة أدوار الأندية وآليات عملها، لتكون أقرب للمجتمع، لكن تقليص أعدادها دون وضوح البدائل يحتاج دراسات مقننة ونقاشات أعمق.
الجزء المتعلق برياضة المرأة، كان واضحاً فيه تأثر سموه بالضغوطات التي يتعرض لها في هذا الشأن. سموه نفى ذلك وأوضح أن القضية تتعلق بالمبدأ الديني ومبدأ الدولة، وهنا أرى بأنه تم خلط الأمور بين القضية الدينية والقضية الاجتماعية وساعد في مرور الموقف، تواضع ورهبة المذيع أمام الضيف الذي كان مهموماً بكرة القدم على غيرها من القضايا الفكرية والإدارية. كنت أتوقع أن يكون محاوراً سريع البديهة فيسأل الضيف؛ هل رياضة المرأة محرمة دينياً، حتى نتحدث عنها وكأنها كبيرة من الكبائر التي تجعلنا نستغفر الله عند ذكرها؟ كيف يعدنا سموه بتحقيق مراكز متقدمة على المستوى الأولمبي ولن يسمح لنا بالمشاركة في الأولمبياد دون السماح برياضة المرأة ومشاركتها؟
رياضة المرأة ليست ذنباً نجهش بالبكاء عند ذكره. والدولة اعترفت به ضمناً عند موافقتها على مشاركة الرياضيات السعوديات لأولمبياد لندن. كنا نتمنى أن يبني سموه على تلك المشاركة فيتيح فرصاً أكبر في هذا الشأن، ولن نمانع - بل نطالب- سموه في أن يضع بعض الضوابط التي يراها مناسبة في هذا الشأن، كعزل رياضة الفتاة عن الشاب أو اشتراط اللبس المناسب للضوابط الشرعية أو غير ذلك من الضوابط. كرر سموه الحديث عن بيئة الملاعب وضرورة جعلها بيئة جاذبة، وكنا نتمنى أن يشير إلى حق العوائل والسيدات في متعة مشاهدة المنافسات الرياضية، وفي أن تكون البيئة جاذبة للعوائل وليس الشباب فقط.
إذا كان تأسيس إدارة نسائية برعاية الشباب لمراقبة صوالين اللياقة، فيمكن إزالة هذا الهم عن رعاية الشباب بإيكال المهمة لوزارة الصحة أو زارة التعليم، ولا داعي لأن يشعر مسؤولو رعاية الشباب بأنهم يرتكبون ذنباً ومعصية كبرى! بل إن ذلك سيتماشى مع الأفكار (التقشفية) التي تنوي رعاية الشباب إتباعها في عملها المستقبلي...
كما أشرت اللقاء كان مطولاً ولست أرغب في التعليق على كافة نقاطه، لكنني أختم بأنه رغم إشارة سمو الأمير في رغبته ببعد رعاية الشباب عن الاهتمام بالرياضة فقط، إلا أن سموه لم يفصح لنا عن أي مشروع شبابي - غير رياضي - واضح المعالم. الحديث كان عن الرياضة وضبط المصروفات وليس عن العمل الشبابي بأبعاده المجتمعية والثقافية والترويحية.