عايض البقمي
ليس ضربا من المبالغة أن (زيناتا) تركت بحوافرها أثراً لم يسبق لأي جواد آخر السير عليه من قبل.. بل الأكثر إعجاباً من ذلك الطريقة التي فعلت بها تلك الفرس ذلك الإنجاز.
في ختام مسيرتها التي لم تتعرض خلالها لأي هزيمة بينما واجهت منتخباً دولياً قوامه 11 جواداً من بينهم 8 فائزين في سباقات الفئة الأولى، ونجحت (زيناتا) في تخطيهم جميعاً نحو الجائزة البالغة 4.5 مليون دولار لسباق البريدرز كلاسيك وكأنهم يركضون على أرضية طينية موحلة.
الفرس القاتمة اللون ابنة بطل كأس دبي العالمي (ستريت كراي) انطلقت من البوابة وهي في ذيل الركب، لكنها سرعان ما رتبت خطاها بعد نحو 15 طولاً خلف جواد قودلفين (ريفال رانسوم) بطل دربي الإمارات الذي اتجه إلى ضبط وتيرة السباق، وأصابت الجمهور البالغ تعداده (58845) نسمة الدهشة جراء الموضوع الذي آليت إليه الفرس، وهم يلوحون بعلامات العاطفة تجاه الفرس البالغة من العمر 5 سنوات.
المعلق حينها في مضمار سانتيا انيتا إتريفورد دينمان قال والشك باد على نبرة صوته لدى استدارة المجموعة المنافسة باتجاه المسار المستقيم لخط النهاية: إن على (زيناتا) فعل الكثير لتعويض الفارق وإذا ما فازت ستكون فرساً خارقة.
مايك سميث فارس (زيناتا) كان قابعاً بشكل بارد في السرج بينما اتجهت (زيناتا) إلى تقليص الفارق بعيداً عن السياج قبل أن تتمكن من شطر منافسيها في خطوة رشيقة تتناسب مع ارتفاعها البالغ 17 شبراً، ومنذ تلك النقطة ما كان عليها سوى مواصلة التقدم وأذناها منصوبتان مسجلة فوزاً بفارق طول عن الفائز في أربع سباقات من الفئة الأولى على الأرض العشبية (جيوبونتي)، وجاء ثالثاً الشهير (توابس أوفر) فما كان من المعلق إلا القول: ان هذا أمر لا يصدق، ما أجمله من جهد خرافي لن ننساه ما حيينا في عالم سباقات الخيل المجنونة.
المدرب دون تتريفس تابع السباق واقفاً إلى جانب السياج ولم يحاول إخفاء عواطفه وقال والدمع تنهمر من عينيه هي فرس ذات قلب كبير أليس كذلك؟ وقال خيالها مايكل سميث: أعتقد لو كان هناك حبل أمام وصيفها لتمكنت من تجاوزه أيضاً وأصدقكم القول لم يسبق لي الوصول إلى منتهى قدرات هذه الأسطورة (زيناتا).
تلك المقدمة لمقالة سابقة للزميلة في المهنة والتخصص الأمريكية السيدة ميشيل مكدونالد وأيَّام زعتمان الفرس الأسطورية (زيناتا)، وهي بالمناسبة ركض لها أحد أبنائها قبل أيَّام في عمر ثلاث سنوات، وجاء ثالثاً في أول مشاركة له وكل المؤشرات تشير إلى أن الشبل على خطى أمه البطلة.
وبما أننا الليلة في أغلى أمسيات الموسم وأجلها وأروعها وفي منعطفها الحاسم نحو المجد والتاريخ وأرفع النواميس على كأس أخو نورة الملك عبد العزيز - طيَّب الله ثراه - موجد هذا الكيان الشامخ.
الليلة كأس أبو تركي غير لأن الأسئلة تشهق الحناجر فيمن سيزف الليلة وهل يثنيها فريق الأحلام البيضاء رغم أن الثالثة الثابتة تبقى عليها سنة أخرى قادمة ليمتلك الإسطبل الكبير (تاج البطولات للمرة الثانية).
سؤال آخر تشهق به الحناجر: هل تفتح الأمسية الكبرى وختام بطولات الموسم العملاقة ذراعيها وكل بريقها من ألوان الذهب لمهور الأزرق وكذلك الأحمراني ولما لا الكحلي؟
كأس الكؤوس حلم مشروع يداعب كل النفوس وسباق الليلة كل الطرق تؤدي إلى الذهب ولكنها طرق وعرة صعبة وأصعبها وأقربها للكتيبة البيضاء ولرباعية المرعب التي تأهلت لهذه البطولة بكل جدارة، وكأنها تطلق منذ بدايات الموسم الإنذارات المدوية بعدم الاقتراب من لقب النجم الفائز في النسخة الماضية.
قد يكون من الصعوبة على عتاولة وفطاحلة المدربين والمرافقين نقادا ومتابعين اختيار اسم واحد بعينه ومرشحاً وحيداً في موقعة الميل الذهبية، لكنني وبما أنني بدأت مقالتي بالأسطورية (زاناتا) فترشيحاتي بعيداً عن شختك بختك ومقولة الكأس بين أربعة وربما خمسة تذهب للحديدية بلونها وفعلها (كافلة) وما بعد (كافلة) مرشح مع فائق احترامي للمرعب (ليمان) والخطير (انتظروني) اللذين سيكونان المنافسان الوحيدين لـ (كافلة).
صحيح أن سباق الليلة وكعادة هذا السباق بمسافته هو سباق جوكيه ليسوا بالطبع عليمية بقدر ما هم بإمكانياتهم الأربع طاقات فولاذية.
وما أتوقعه أن كشف النقاب عن البطل المنتظر سيتم في الـ 50م الأخيرة وسط اللحاق بكافله ويا تلحق يا ليمان وانتظروني وربما لا تلحقون.
ختاماً أتمنى أن يعكس سباق الليلة الوجه المشرق لصناعة الإنتاج السعودي بتقديم مستويات مقرونة بأرقام وأزمنة رائعة لمسافة الميل بالميدان السعودي مع الأمل بأن يكون للجمهور حضور بارز في ختام سباقات البطولات الكبرى وتاجها.
المسار الأخير
فحطّت سريعاً لم يخنها فؤادها
ولا عينها من خشية السوط تغفل
يقطع سير الناعجات ذميلها
نجاء إذا اختبّ النماء المعول